بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 10 يونيو 2016

المواطنة الرقمية


يطلق مسمى  المجتمع الرقمي Digital Society  على المجتمع الذي تسيطر التكنولوجيا على مفاصل الحياة فيه. فهو مجتمع تظهر فيه التكنولوجيا جلية من خلال التعليم والعمل والترفية والتفاعل الاجتماعي. وحيث أن اللغة الرقمية هي اللغة التي يجيدها أغلب طلابنا  في هذا الجيل. فقد وصفهم مارك بيرينسكي بأنهم Digital Natives, باعتبارهم ناطقين بلغة الحواسيب والأجهزة اللوحية، والهواتف الذكية منذ نعومة أظافرهم. في حين نعتبر نحن الآباء والمعلمون الذين عايشنا ما قبل ظهور هذا الطوفان، ومن ثم انخرطنا فيه فنحن المهاجرون الرقميون Digital Immigrants.
ووفقاً للمصطلحات أعلاه فإن هذا الطوفان، هو ما استدعى من التربويين والمهتمين بالتكنولوجيا التداعي لوضع معايير للتكنولوجيا والعالم الرقمي. لكن هذا لم يكن كافياً بسبب تغيّر وجهات النظر وأساليب التفكير، والتعامل، والعديد من القضايا الأخلاقية والثقافية، التي استجدت مع تحول المجتمعات بصورة شبه كاملة إلى مجتمعات رقمية ، وقد كانت هذه هي النواة لظهور مصطلح المواطنة الرقمية.

تعريف المواطنة الرقمية :
حيث تعرف المواطنة الرقمية بأنها "استعمال المصادر الإلكترونية لإنجاز الأعمال، والقدرة على المشاركة الرقمية الفاعلة في مجتمع ما". كما يمكن تعريفها بصورة أكثر وضوحاً بأنها " قواعد السلوك المعتمدة في استخدامات التكنولوجيا المتعددة" . وتتضمن هذه التعاريف، إشارات هامة إلى ضرورة الوعي بالعالم الرقمي ومكوناته، ومهارات التفاعل معه، كما أنها تشير ضمنياً إلى وجود حقوق والتزامات في هذا العالم, بحيث يجب تقديرها، والقيام بها.
معايير المواطنة الرقمية :
1-              الإتاحة الرقمية : المشاركة الإلكترونية الكاملة في المجتمع
والتي تشير إلى تساوي فرص جميع المواطنين في الحصول على المزايا والحقوق الرقمية، لتحقيق المشاركة الكاملة لأفراد المجتمع بما يدعم النمو والتقدم. وفي حال تعذر توفير التقنية الرقمية لمجموعة من الأفراد، فإنه يلزم توفير بدائل رقمية أخرى مساعدة لتحقيق هذا المفهوم.
2-              التجارة الرقمية: بيع وشراء البضائع إلكترونيا
نظراً لتطور التجارة الرقمية، وتأثير ذلك على اقتصاد السوق. خصوصاً فيما يتعلق بقطاع البيع بالتجزئة كألعاب الأطفال والملابس، بل وتعدى ذلك إلى التموينات ومحلات السوبر ماركت. فإنه  يلزم توفير قوانين وتشريعات، تنظم طبيعة التعاملات الرقمية في البيع والشراء والمقايضة. كما تهتم بتنمية الوعي لدى المستهلك الرقمي، وكيف يمكن أن يتعامل تجارياً بصورة رقمية فاعلة.
3-              الاتصالات الرقمية: التبادل الإلكتروني للمعلومات
والذي يمثل القدرة الهائلة للفرد أو المجتمع على الوصول للمعلومات، والحصول عليها، وتشاركها، مع أي فرد أو مجموعة في أي مكان آخر وأي وقت. وهو ما يتطلب تدريباً مناسباً على كيفية تلقي المعلومات، ونوعها، وطبيعة مواجهة المواقف التي تجعل الشخص في مواجهة معلومات حساسة أو خطيرة، وربما مضللة.
4-              التربية -محو الأمية- الرقمية: عملية تعليم وتعلم التكنولوجيا واستخدام أدواتها
ويناقش هذا المعيار نوع التكنولوجيا الرقمية التي ينبغي تعليمها للطلاب، وما هي المزايا التي تدفع لتدريسها أو استبعادها. كما يجب أن يكون تعليم التكنولوجيا الرقمية حافز للطلاب للتعلم في أي وقت ومكان، مع تنمية القدرة على التعلم الذاتي والتقييم الذاتي للأداء. ولذلك لا بد من توفي معايير للتعلم الرقمي, بما يضمن تجويد العملية.
5-              اللياقة الرقمية: المعايير الرقمية للسلوك والإجراءات
للأسف تبدو مشكلة اللياقة الرقمية بارزة بصورة كبيرة، نتيجة الانجراف الكامل نحو التقنية وملاحقة الجيد منها، بعد الوقوف عند آداب التعامل وسلوكيات التفاعل الرقمي الراقي. إذ أن تصوير الخصوصيات للأشخاص، أو التعرض بالأذى اللفظي أو النفسي لأحد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لا يكفي معها الحظر مثلاً ، أو الإبلاغ عن إساءة، وإنما يفترض وضع قواعد للياقة والتعامل في وسائل التقنية.
6-              القوانين الرقمية: المسئولية الرقمية على الأعمال والأفعال
تتكامل معايير المواطنة الرقمية معاً. فامتلاك معايير اللياقة، تصب في صالح رفع مستوى الآداب العامة وأساليب التواصل الإنساني الراقي. في حين إذا انحدرت معايير اللياقة إلى الدرك الأسفل، فإن هذا يعني انتهاك الخصوصيات وتجاوز الخطوط الحمراء، بما يعرض الفرد للمساءلة القانونية. فنشر الصورة الإباحية والترويج لقيم الجريمة، والدعوة للانتساب للجماعات المتطرفة..الخ. كلها انتهاكات فاضحة في العالم الرقمي تعرض المتسبب لعقوبات طائلة. حيث تتنافس الدول حالياً في وضع تشريعات وقوانين تنشر الأمن الرقمي بين المستخدمين.
ويدخل أيضاً في ذلك أيضاً التحذير من القرصنة الإلكترونية وسرقة البيانات، تدمير أجهزة الآخرين بصورة أو أخرى بسبب نشر فيروسات خطيرة تسبب عطل الملفات أو تضررها
7-              الحقوق والمسئوليات الرقمية: الحريات التي يتمتع بها الجميع في العالم الرقمي
كما أن الدول تحدد ما لمواطنيها من حقوق في دساتيرها، كذلك توجد حزمة من الحقوق التي يتمتع بها "المواطن الرقمي"، حيث يتمتع المواطن الرقمي بحقوق الخصوصية، وحرية التعبير وغيرها، ولا بد من دراسة ومناقشة الحقوق الرقمية الأساسية حتى يتسنى فهمها على النحو الصحيح في ظل العالم الرقمي. ومع هذه الحقوق تأتي الواجبات أو المسئوليات، فلا بد أن يتعاون المستخدمون على تحديد أسلوب استخدام التكنولوجيا على النحو اللائق. وبناء عليه، هذان الجانبان بمثابة وجهان لعملة واحدة، فلا بد من تفعيلهما معا حتى يصبح كل مواطن رقمي مواطنا منتجا ومشاركا فعالا.
8-              الصحة والسلامة الرقمية: الصحة النفسية والبدنية في عالم التكنولوجيا الرقمية
تعد الصحة البصرية، وأعراض الإجهاد المتكرر والممارسات السمعية من أهم القضايا التي يجب تناولها في عالم التكنولوجيا الحديث. وباستثناء الجوانب البدنية، توجد المشكلات النفسية التي تنتشر كالنار في الهشيم في الآونة الأخيرة. فلا بد من توعية المستخدمين من المخاطر الكامنة في التكنولوجيا. وتتضمن "المواطنة الرقمية" ثقافة تعليم مستخدمي التكنولوجيا أساليب حماية أنفسهم عبر التعليم والتدريب.
9-              الأمن الرقمي (الحماية الذاتية): إجراءات ضمان الوقاية والحماية الإلكترونية.
لا يخلو أي مجتمع من أفراد يمارسون سرقة، أو تشويه أو حتى تعطيل الآخرين. ينطبق هذا تماما على المجتمع الرقمي. فلا يكفي مجرد الثقة بباقي أعضاء المجتمع الرقمي لضمان الوقاية والحماية والأمان. ولا بد من اتخاذ كافة التدابير اللازمة بهذا الخصوص، فنحن نضع الأقفال على أبواب بيوتنا، وأجهزة الإنذار في منازلنا لتوفير مستوى معين من الحماية. ولا بد من تطبيق أمثلة مباشرة في المجتمع الرقمي. ومن هنا، لا بد أن يتوفر لدينا برنامج حماية من الفيروسات، وعمل نسخ احتياطية من البيانات، وتوفير معدات وآليات التحكم الموجه. وبوصفنا مواطنين مسئولين، فلا بد من حماية ما لدينا من معلومات من أي قوة خارجية من شأنها أن تقوم بتخريب أو تدمير هذه المعلومات.
وتعد مفاهيم من نوع الاحترام، التعليم، الحماية Respect, Educate and Protect - REPS أحد الطرق التي يتم من خلالها توضيح، وتعليم محاور المواطنة الرقمية. ويضم كل مفهوم ثلاثة مواضيع رئيسة، يجب تعليمها للمستخدم منذ انضمامه للمجتمع الرقمي.
فالاحترام يتضمن الإتاحة الرقمية، اللياقة الرقمية، والقوانين الرقمية. أما التعليم فيتضمن التجارة الرقمية، الاتصالات الرقمية، التربية-محو الأمية- الرقمية. وللحماية المعايير الحقوق الرقمية، الصحة والسلامة الرقمية، وأخيراً الأمن الرقمي.
ومن المهم الإشارة إلى أن تعديل المعايير وتطويرها وتحديثها في العالم الرقمي يتم بصورة أسرع منها في غيرها، بحكم التسارع الرهيب في التطور في العالم الرقمي وأنظمته، وتأثيره على المجتمعات والأفراد.
المواطنة الرقمية والتربية :
وقد فطنت المؤسسات الرسمية وغير الرسمية إلى الدور الفاعل الذي يؤثر به العالم الرقمي في عالم التربية، فجهد المختصون وخبراء التربية والعالم الرقمي في وضع معايير تهتم بالطلاب والمعلمين والقادة التربويون. وكان تركز المعاير الأكبر على :
- الاستيعاب الواعي من قبل الطلاب  للمشكلات والقضايا الأخلاقية والثقافية, والاجتماعية المرتبطة بالتربية.
- تكوين منظومة قيم تهتم بالاستخدام المسئول لجوانب الاتصال وتكنولوجيا المعلومات.
 - دعم التعلم المستمر والدافعية الإيجابية للتعلم عن طريق تقدير الطلاب لتطبيقات التكنولوجيا الداعمة لعملية التعليم والتعلم.
كما تعد مشكلة التفاوت الرقمي، بين الدول النامية والدول المتقدمة من القضايا التي تهتم بها المواطنة الرقمية وتشغل حيزاً لا بأس به من النقاشات الدائرة تربوياً في الوقت الحالي، بحكم استغلال الدول المتقدمة لطاقات أبناء النامية، كما أن انعدام أو قلة وجود التشريعات والقوانين الخاصة بوسائل الحماية والأمن والسلامة، والمحاسبة الدقيقة في هذا المجال تعد مشكلة تربوية خطيرة تؤرق الدول، والمجتمعات بحكم إمكانية حدوث جرائم رقمية، وأضرار بالغة الحساسية على أمن الدول والمواطنين الرقميين.
ولذلك فإن أهم ما يجب أن تلفت إليه المؤسسات التربوية إلى :
1-               تطوير بيئات تعلم تجذب وتهتم بالعالم الرقمي، لدمج الطلاب فيه, وتحفيزهم على التعلم المستمر.
2-               الاهتمام بالضوابط والمعايير الخاصة بالعالم الرقمي، مع المضي قدماً في سن التشريعات والقوانين التي تحفظ الأمن الرقمي.
3-               الدور الهام للمعلم أصبح أكثر أهمية, فهو يمارس أدواراً متعددة كمرب ومعلم وموجه وقائد، ولذلك يجب الاهتمام بتدريبه وتوجيهه للتفاعل الأمثل مع الطلاب في عالمنا الرقمي.

هناك تعليق واحد:

  1. من أفضل المهارات التي اكتسبتها عند دراساتي لأنظمة الأمن الرقمية في دبي: كيفية حماية الشبكات، تحليل الهجمات وتقنيات التشفير. كذلك فهم وتقديم حلول لأمان الأجهزة المحمولة وتطبيقاتها. بالإضافة إلي التحليل الرقمي وإجراء تقييمات أمان دورية لتحديد نقاط الضعف وتحسين النظم الرقمية.

    ردحذف