الأربعاء، 19 أكتوبر 2016

الذكاءات المتعددة وأنماط التعلم




        
تقع نظريتا الذكاءات المتعددة وأنماط التعلم في قائمة اهتمامات التربويين وعلماء النفس التربوي نظراً لما مثلتاه من ثورة في محاولة تقديم تعلم فاعل، ودعم الأداء الدراسي للطلاب، ورغم أنهما ليستا نظريتان حديثتان بالمعنى الصحيح إلا أن الإمكانات اللتين قدمتاهما مازالت تثير حراكاً تربوياً ذو أثر قوي في الميدان التربوي.
أولاً : الذكاءات المتعددة :
واضع النظرية هوارد جاردنر عام 1983م الذي يرى أن الذكاء هو القدرة على حل المشكلات أو إضافة ناتج جديد ذي قيمة في واحد أو أكثر من الأطر الثقافية!![1]، وتكمن أهمية هذه النظرية في أنها تدعم حل المشكلات، إذ لا معنى للذكاء إذ لم تتوفر للفرد القدرة على مواجهة المشكلات والمواقف الغامضة، والتي تستدعي منه توظيف قدراته لحلها.
وقد قدمت هذه النظرية دعماً قوياً لأساليب التعلم والتعليم في الرياضيات، باعتبارها تقدم للتربويين منظوراً عادلاً لأساليب التقييم لأداء الطلاب وعدم الاكتفاء بالاختبارات التقليدية، والتقييم الكمي فقط، كما وجهت الأنظار إلى إمكانية رفع الدافعية، والانجاز، وارتفاعا المستوى التحصيلي للطلاب الذين تُراعى ذكاءاتهم في التدريس واستراتيجياته, كالمرونة في اختيار الدروس ومساعدة الطلاب على النظر للمشكلة الرياضية من زوايا مختلفة لا تقتصر على الحساب الخوارزمي مثلاً.[2]
وعادة ما تصنف الذكاءات إلى تسعة ذكاءات هي :
الذكاء الرياضي المنطقي – الذكاء المكاني – الذكاء اللغوي – الذكاء الجسمي الحركي – الذكاء الموسيقي – الذكاء الاجتماعي – الذكاء الشخصي – الذكاء الطبيعي – الذكاء الوجودي.
ولتنمية أحد هذه الذكاءات أو تعطيله فإن عامل الخبرة والمستوى الاقتصادي للأسرة والمناهج التعليمية والتدخل الأسري بالتنمية أو التعطيل.
وللعمل على إدخال التعليم وفق نظرية الذكاءات المتعددة فإنه ينبغي الحرص على :
تدريب المعلمين على التدريس باستعمال هذه النظرية.
توفر ملاحظة دقيقة لأنواع الذكاء لكل متعلم، مع توفر متابعة طولية لمستوى النمو ونوعه. علماً بأن الذكاءات قد تتغير أو تنمو أو تتعطل لدى المتعلم.[3]
ويطرح الدكتور عبد الحميد فكرة طريفة لاكتشاف أنواع الذكاءات عن طريق ملاحظة أساليب الشغب التي يحدثها الطلاب عند الشعور بالملل أو في أوقات الفراغ، فذلك الذي ينشغل بالحديث غالباً ذو ذكاء لغوي، مقارنة بذلك الذي ينشغل باللعب والممارسات الحركية (ذكاء جسمي حركي).[4]
كما يمكن توجيه أسئلة للطلاب عن هواياتهم وممارساتهم المتكررة لتحديد مبدئي لنوع الذكاءات المتوفرة لديهم، مع تقديم نبذة مختصرة عن الذكاءات وأنواعها لتحفيز الطلاب على التفكير في أنواع الذكاءات المتوفرة لديهم.
ومن المهم الإشارة إلى قضايا مهمة عند تعليم وتعلم الرياضيات باستعمال نظرية الذكاءات المتعددة :
1-              توفير المزيد من الأسئلة للطلاب باستمرار للكشف عما تطور لديهم ومن ذكاءات وأنواعها المختلفة.
2-              توفير أنشطة تناسب كل نوع من أنواع الذكاء في الصف أو ذلك النوع الذي يمتلكه الأغلبية كالأنشطة الحركية للأذكياء حركياً، ترانيم وأناشيد للأذكياء موسيقياً وهكذا..
3-              لا يؤثر توجه التدريس باستعمال نظرية الذكاءات المتعددة على طريقة صياغة الأهداف التدريسية أو المعايير، بل على العكس هي داعم ومحقق لها.[5]
4-              يتميز هذا التوجه بكثرة الأنشطة وتنوع الممارسات، والتحفيز المستمر على الجديد والتنوع.
5-              يحتاج لتخطيط تدريسي مسبق لتحديد نوع الأنشطة والتقنيات التعليمية اللازم توفرها.
6-              يحتاج لتدريب المعلمين على العمل وفق هذا التوجه.
7-              الغريب أن التدريس وفق نظرية الذكاءات المتعددة ينعكس بصورة ايجابية حتى على المعلم الذي يجد نفسه يتوسع فكرياً وتربوياً، بل ويعمل على تنمية أنواع من الذكاءات لديه ليتماهى مع طلابه ويحقق الأهداف المطلوبة.
8-              كل نوع ذكاء يحتاج لأنشطة خاصة ومصادر تعلم وتقنيات ووسائل تعليمية ملائمة، فالنوادي الرياضية لذوي الذكاء الحركي مصدر ممتاز، وفي المقابل فإن دور التحفيظ تمثل مصدر تعلم ممتاز لذوي الذكاء الوجودي.
9-              يمكن مزج العديد من الاستراتيجيات التدريسية مع التدريس باستعمال نظرية الذكاءات المتعددة لتحفيزها وتنميتها، مثل استراتيجية العصف الذهني، استراتيجيات حل المشكلات، وأنماط التعلم..الخ.
10-         كثيرا ما يجد المعلمون المتميزون أدائياً أنهم يدعمون عمل هذه النظرية حتى وإن لم ينتبهوا لذلك، فالمعلم النشيط ذو الممارسات التعليمية المتنوعة والأنشطة المتعددة يُعد دعامة قوية لتأثير هذه النظرية.
11-         يقع على عاتق معلم الرياضيات تنمية الذكاء الرياضي المنطقي لطلابه بطرق مباشرة أو غير مباشرة. فتدريس حل المشكلات عن طريق تمثيلها حركياً أو رسم المسألة أو نمذجتها يُعد تنمية للذكاء الرياضي المنطقي من خلال ذكاءات أخرى.

أنماط التعلم
يرى العديد من التربويون أن التدريس باستعمال أنماط التعلم يعد امتداداً للتدريس باستعمال نظرية الذكاءات المتعددة، ومنهم من يرى أنها انعكاس للنظرية، فأنت ستستعمل نمط التعلم المرتبط بالذكاء المناسب له[6]
وتقوم فكرة أنماط التعلم على أن لكل متعلم نمط التعلم الخاص به!! حيث نجد أن ذلك المتعلم يميل لوسائط حسية إدراكية لاستقبال المعلومات دون غيرها. وتكمن أهمية هذا الأمر في أن التدريس باستعمال أنماط التعلم يساعد المتعلم على تحسين تعلمه، وتحقيق أداء تحصيلي أفضل، كما يوفر الفرصة لتحقيق توجه مهني ملائم للمتعلم مستقبلاً. وكما هو الحال مع نظرية الذكاءات المتعددة فإن هناك أنماط للتعلم غالبة وأخرى ثانوية، ويمكن تنميتها أو تعطيلها.
وقد حظيت أبحاث أنماط التعلم بالكثير من الاهتمام وخضعت للعديد من التصنيفات، فمن أشهرها نموذج كولب لأنماط التعلم :
والتي تمثل أربعة أنماط أساسية للتعلم وتتمثل في :
ف1-لحسي التأملي سؤاله المفضل لماذا؟ وهو يميل لربط تعلمه ومحتوى المقرر بخبراته الشخصية وميوله ومستقبله المهني.
2- التجريدي التأملي سؤاله المفضل هو ماذا؟ وهو يميل لربط تعلمه ومحتوى المقرر بطريقة منظمة ومخططة.
3- التجريدي النشط صاحب سؤال كيف؟ يميل للعمل النشط وفق مهام محددة ويتعلم بالمحاولة والخطأ. وهنا يكون دور المعلم مشرف وموجه فقط.
4- المتعلم الحسي النشط يفضل تطبيق المحتوى في مواقف جديدة ومشكلات واقعية. وهو ما يستلزم توفر أنشطة متنوعة وجانب من المسائل الغامضة والنهايات المفتوحة.
في حين يُصنف فيلدر – سيلفرمان أنماط التعلم إلى : متعلم حسي – بصري – استقرائي – تتابعي
حيث يميل الحسيون للأنشطة الحركية، فيما يميل البصريون للمشاهدة للصور والنماذج وعروض الأفلام
والاستقرائيون يحبون الانطلاق من الصغائر ودقائق المعلومات للوصول للصورة الكلية والمعرفة العامة، أما التتابعيون فيميلون للانتقال بتتابع منظم للمعرفة سواء من الخاص للعام أو من العام للخاص.
والحق أن هناك العديد من النماذج لأنماط التعلم إلا أنها تشترك مع الذكاءات المتعددة في أنها تحتاج للتنوع في الأنشطة ومصادر التعلم، وتُركز على جانب تعيين الأنماط والذكاءات والعمل على متابعتها والتخطيط للتدريس بصورة مسبقة ومنظمة.[9]
ونتيجة للارتباط الشديد بين أنماط التعلم ونظرية الذكاءات فقد ظهرت العديد من الدراسات التي تربط بينهما، وتشجع على خلق استراتيجيات وأساليب تدريسية تنتهج ربطهما معا من نواحٍ عدة.[10][11]


[1] المقدادي ، أحمد ؛ زيتون ، إيمان ( 2014 ) : أثر برنامج تدريسي قائم على دمج الذكاءات المتعددة وأنماط التعلم في قدرة الطالبات على حل المشكلات الرياضية ودافعيتهن لتعلم الرياضيات. بحث منشور ، مجلة العلوم التربوية ، المجلد 41 ، العدد 1 ، الجامعة الأردنية ، الأردن.
[2] جابر ، عبد الحميد ( 2003 ) : الذكاءات المتعددة والفهم تنمية وتعميق . دار الفكر العربي ، القاهرة.
[3] فوزي الربيني ، فوزي (2010) : طرق واستراتيجيات التعليم والتعلم لتنمية الذكاءات المتعددة بالتعليم ما قبل الجامعي والتعليم الجامعي ، مركز الكتاب للنشر ، القاهرة.
[4] جابر ، عبد الحميد ( 2003 ) : الذكاءات المتعددة والفهم تنمية وتعميق . دار الفكر العربي ، القاهرة.
[5]
[6] جابر ، عبد الحميد ( 2003 ) : الذكاءات المتعددة والفهم تنمية وتعميق . دار الفكر العربي ، القاهرة.
[9] عباس ، رشيد ( 2009 ) : تدريس الرياضيات أنماط التعلم لدى الطلبة. دار الخليج ، الأردن
[10] حسين ، محمد (2008) : مبادرة الذكاءات المتعددة ومجتمع التعلم الذكي. دار العلوم للنشر والتوزيع ، مصر.

[11] زيتون ، إيمان ( 2010 ) : أثر برنامج تدريسي قائم على دمج الذكاءات المتعددة وأنماط التعلم في قدرة الطالبات على حل المشكلات الرياضية ودافعيتهن لتعلم الرياضيات . رسالة دكتوراه غير منشورة . الجامعة الأردنية ، الأردن.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق