الاثنين، 9 يناير 2017

نظريات التعلم في التدريس الجامعي




تلعب نظريات التعلم دوراً مهماً في إلقاء الضوء على كيفية تعلم الفرد، وكيف يبني معرفته ومهاراته، ونظراً لتعقد السلوك الانساني وتنوعه وتناقضه، فقد قدمت نظريات التعلم المتنوعة العديد من الأفكار التي تتماهى مع السلوك الإنساني لتصف كيف يتم التعلم. ونخطئ حين نعتقد أن ظهور نظرية حديثة في التربية تعني إلغاء ما قبلها، بل على العكس من ذلك. فالمثير والاستجابة، يعمل جنبا إلى جنب مع الاستبصار والتفاعل الاجتماعي. والمعلم الذي يعتمد التفاعل الاجتماعي والتعلم بالتجربة والخطأ، يظل بحاجة لتقديم المثيرات ومراقبة استجابات الطلاب لمواصلة تحفيز التعلم. وتعد النظرية السلوكية من أوائل النظريات التربوية التي قامت على الاختبار والتجريب، ويعد قانون المثير والاستجابة والمران والاستعداد من أهم القوانين التي شغلت المجال التربوي وألهبت الحماس في العمل على تطبيقها. كما روجت للتعلم كخبرة فردية، تحتاج الى تقديمه على جرعات معينة ومناسبة لمستوى المتعلم، على أن يتم ذلك وفق تتابع منظم. وركزت على دور المران في تطور التعلم كوسيلة وليس غاية.
وللنظرية السلوكية تطبيقات تعليمية متنوعة لعل من أحدثها ما نجده من التعلم باستعمال بعض تطبيقات التعلم بالأجهزة الذكية، فالطالب الذي يتعلم وينجح في مرحلة ما يفوز بنقاط تؤهله للانتقال للمرحلة التي تليها، وفي العديد من الحالات يحتاج للتوقف وإعادة العمل على المرحلة والتدرب لاجتيازها حتى يتأهل للمرحلة التي تليها، مع توفر مثيرات ومحفزات لاستمرار المتعلم في التعلم.
النظرية البنائية: اشتقت الكلمة من البناء أو البنية، والتي تعني الطريقة التي يقام بها مبنى ما، وينظر إلى المتعلم فيها بفعالية في بناء أنماط التفكير، نتيجة تفاعل قدراته الفطرية مع الخبرة. أي أن المعرفة تُبنى بصورة نشطة على يد المتعلم ولا يستقبلها بصورة سلبية من البيئة. ومن المهم الإشارة إلى ان البنائية استقت الكثير من أفكارها من النظرية الاجتماعية القائمة على أن التعلم لا يحدث بصورة صحيحة إلا في حضور تفاعل اجتماعي يهتم باللغويات، وكذلك النظرية المعرفية والتي تبني رؤاها على نمائية المعرفة في العقل، وبنائها التراكمي، وطريقة تكوين المعرفة وتدرجها. وأن الكل هو مدرك سابق منطقياً ومعرفياً عن الأجزاء أو العناصر التي تكوّنه حيث لا تقوم الأخيرة بوظيفتها كأجزاء إلا في إطار هذا الكل. ويشير مفهوم المعرفة إلى تفاعل كل من العمليات العقلية والعمليات المعرفية والخبرات المباشرة وغير المباشرة التي تنعكس في قدرة الفرد على حل المشكلات .والاهتمام بتجهيز ومعالجة المعلومات والتي يُقصد بها بناء تراكيب أو أبنية معرفية تقوم على إدماج المعلومات أو الخبرات الجديدة في المعلومات أو الخبرات السابقة ثم إعادة توظيف أو استخدام ناتج هذا الإدماج في المواقف الجديدة .
نظرية الجشتالطت نظرية التعلم اللفظي المعرفي القائم على المعنى.
وتقوم أسس البنائية ومبادئها على: أن المتعلم يبني المعرفة داخل عقله ولا تنتقل إليه مكتملة. وهو يبني خبراته بصورة تراكمية نتيجة تفاعله مع المجتمع، مع النظر للاستدلال كشرط لبناء المفهوم، فالمفهوم لا يبنى إلا على أساس استنتاجات!! وعليه فإن الوقوع في الخطأ وارد بصورة كبيرة، ولذلك فإن الخطأ يعتبر فرصة لبناء المعرفة التي نعتبرها صحيحة.
ونظراً لكون التعلم هو عملية مستمرة، ومتوالدة بصورة ضخمة مما يستدعي بروز مفاهيم جديدة كإدارة المعرفة واقتصادياتها..الخ، كما أنه صار أكثر ارتباطاً بعالم المهنة والتوظيف. ناهيك عن خروج مارد التقنية من القمقم، وظهور ثورة المعلومات وبلوغنا عصر الحكمة. فقد نتجت النظرية الترابطية، والتي يعرف دريسكول التعلم من خلالها بأنه التغير المستمر في الأداء البشري أو إمكانية الأداء الذي يجب أن يأتي كنتيجة لتجربة المتعلم والتفاعل مع العالم" هذا التعريف يشمل العديد من الصفات المرتبطة عادة مع المدرسة السلوكية، المدرسة المعرفية، والبنائية – والترابطية عبارة عن شبكات من الأنظمة التي يتم بناؤها مع الوصلات، وداخل هذه الشبكات لدينا عقد ضعيفة الروابط. حيث تمثل العقد الأفكار ضمن شبكة من الأفكار وعبر اتصالات متنوعة. أما الروابط الضعيفة فهي الممرات التي تمكن المتعلم من إجراء اتصالات أقصر داخل الشبكة، وبالتالي تشكل الشبكة مجموعة من المعلومات والبيانات، والمشاعر والصور. والتعلم هو عملية خلق وصلات بين الروابط والعمل على تطوير الشبكة. وتهتم الترابطية بعملية اتخاذ القرار المرتكز على أسس متغيرة بسرعة، حيث يتم تحصيل المعلومات الجديدة بشكل مستمر، مما يستدعي الحاجة للتفرقة بين المهم وغير المهم ، مع توفر القدرة على ملاحظة الجديد والتي تتطلب تغيير القرار أو الثبات عليه أو تطويره وفقاً للمعطيات. ولذلك تتمحور أهم أفكار النظرية الترابطية حول أن التعلم والمعرفة تكمن في تنوع الآراء، وعدم ثباتها؛ كما أن التعلم يمكن أن يحدث في أجهزة غير بشرية، وأن صنع القرار هو في حد ذاته هو عملية تعلم.
وعلى الاستاذ الجامعي الاهتمام بنظريات التعلم في تدريسه، عن طريق الطلب من الطلاب جمع معلومات حول الموضوع، والخروج بأسئلة لديهم حول هذا الموضوع، وآراء حوله.  توجيههم لكتابة تقارير عن كتاب أو موضوع بمراجع مختلفة، فذلك يساعدهم على البحث والتقصي واتخاذ القرار المبني على مرجعية نظرية، كما أن توجيههم لمناقشة قضية أو مشكلة بصورة فردية أو جماعية، وإجراء حوارات وتدوينات أثناء المحاضرة فيما بينهم يخلق لديهم فرص التفاعل الاجتماعي واكتساب مهارات الذكاء الاجتماعي وأخلاقيات المناقشة والبحث العلمي.  وتلعب التقنية الدور الأقوى في توفير وسائل التواصل والاتصال وتأمين فرص التطبيق الواقعي والافتراضي، ناهيك عن توفيرها للمراجع وقواعد المعلومات، وتوفير الوقت لمزيد من التفاعل الاجتماعي. كما يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن أي تطبيق لنظريات التعلم والتعليم في التدريس الجامعي، يجب أن يتوافق مع أهداف المقرر، والأهداف العامة للتدريس الجامعي، وأن يكون مراعياً لاحتياجات الطلاب وأنماط تعلمهم، بما يساعد على تطوير الطلاب الجامعيين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق