الثلاثاء، 10 يناير 2017

خواطر للمعلم والأستاذ الجامعي

نتيجة بحث الصور عن الأستاذ الجامعي




توجهات التدريس وأنماطه


تعتمد توجهات التدريس في التعليم بنوعية العام والعالي على نوع نظرية التعلم المتبناه. ويبدو هذا الأمر منطقياً نتيجة الافتراضات والمرتكزات التي تقوم عليها كل نظرية من نظريات التعلم. وعليه فإنه يمكن النظر إلى توجهات التدريس بأنها جملة الاستراتيجيات والأساليب التدريسية التي يتبعها المعلم في تدريس طلابه.، مستنداً فيها إلى نظرية أو أكثر من نظريات التعلم.  وهو يوظف تلك التوجهات ليقدم نمطاً أو أسلوباً تدريسياً يكون فيه الاتصال لفظياً و/أو حركياً و/أو جسدياً بين المعلم وطلابه لإحداث تعلم فعال بنكهة ذلك المعلم -إن صح التعبير .
ونتيجة للأعباء المتراكمة على الأستاذ المعلم فإنه غالباً ما يلجأ للمحاضرة وأسلوب الإلقاء والتي يتحرر فيها من الشعور بذنب التقصير تجاه الطلاب عن طريق تقديم كل المعلومات بصورة جاهزة ومعلبة، لكن لا بد من الحذر من الاعتماد على أسلوب المحاضرة المباشرة والإلقاء؛ لما يسبه ذلك من الاعتماد المباشر على معلومات معينة دون الحاجة إلى اللجوء للتجديد أو البحث عن المختلف لدى الطلاب، كما أن خبرات ومعلومات المعلم لن تحقق المطلوب ما لم يحدث تكاتف بين الخبرات والمعلومات من جهة وبين الأنماط التدريسية والتوجهات التي يتبعها. ناهيك عن التطورات المتلاحقة في توجهات التدريس والتقانة والتي تجعل من الإلقاء أمراً غير ذا جدوى خصوصاً ونحن نعلم أن الهدف ليس هو المعلومة بحد ذاتها، بل ببناء الخبرات، واكتساب مهارات التعلم التي ستقود حتماً للمعلومة الصحيحة. وبالجملة فلا بد أن يضع المعلم في ذهنه أن يكون التعلم عميقاً وغير سطحي ومن وجهة نظر ترابطية، تُبنى على استيعاب نظريات التعلم وتوظيفها في خلق التعلم الفعّال الذي يُعنى بالتعرّف إلى احتياجات الطلاب، وتصوراتهم الشخصية للمرحلة التعليمية التي يدرسونها، ونظرتهم لطبيعة موضوع التعلم، الأعباء والمتطلبات الدراسية، ومدى وضوح الرؤية حول معايير الأداء الجيد للطالب، وحول المخرجات المستهدفة من مثل هذا النوع من التعليم.
ولذلك تُعنى توجهات التدريس في التعليم بـوجهة النظر الترابطية التي تركز على أن يقوم المعلم بــ:
1- تطوير رؤية شاملة للمقرر ولما يريده من مخرجات لهذا المقرر: ويشمل ذلك توفير توقعات عامة وأخرى جزئية لكل حصة أو محاضرة وموقف تعليمي، وكيف يمكن تطويعه لتحقيق تلك الرؤية.
2- أن يعمل على رصد التباين الحاصل بين مرئيات الطلاب تجاه تلك المخرجات والخطوط العامة التي يضعها المعلم: ويرتبط ذلك بمتابعة الفروق الفردية للطلاب، وأنماط تعلمهم المختلفة، ووجهات النظر التي تتبناها نظريات التعلم.
3- العمل على تقريب تلك المرئيات وإدماجها لتحقيق الرؤية: ويشمل ذلك تطويع نظريات التعليم والتصميم التدريسي، بحيث تجعل من الطالب متعلم تعلماً ذاتياً، وباحثاً، ويعمل على حل المشكلات واتخاذ القرار.
وقبل التطرق لتوجهات التدريس، فلا بد من أن نذكر بأن الواجبات المتنوعة المُلقاة على كاهل المعلم تجعل من الضروري البحث عن توجهات تدريس ملائمة لتحقيق نواتج التعلم المرغوبة، مع الأخذ في الاعتبار لتلك الواجبات والضغوط، وهنا يبرز الذكاء المهني للمعلم في البحث عن توجهات تخدم الجانبين، ومن أشهر توجهات التدريس الحديثة والتي تُعنى بكلا الجانبين: التدريس باستعمال حل المشكلات، وطريقة المحاضرة (المُعدلّة) .
1- طريقة استعمال حل المشكلات: وتتمثل في أن يحضر المعلم مشكلة، ويطلب من الطلاب حلّها سواء بتجربة أو تقرير أو مشروع..الخ. على أن يتم النقاش لاحقاً حول الحلول المقترحة ومرئيات الطلاب والخروج بمضمون عام قد لا يؤدي دائماً لحل متكامل، لكن يلقي الضوء على المشكلة من أبعاد مختلفة نتيجة اختلاف تصورات الطلاب للمشكلة وطريقة كل منهم في التفاعل معها.
2- طريقة المحاضرة (المعدلّة): وفيها تظل السيطرة الرئيسية للمعلم على كامل مفاصل المحاضرة كما هو معتاد، لكنه يوظف بعض التطبيقات والأساليب الذكية لتحقيق نواتج تعلم أفضل. فيمكنه أن يتوقف على فترات مختلفة من المحاضرة لطرح أسئلة ذكية مفتوحة تثير النقاش وتعزز التعلم بحيث تجعل الطالب يعمل عل ربط المعارف والخبرات والوصول لإجابة. أو تكليف الطلاب بمهام تتطلب ممارسات معرفية أو حركية أو كليهما معاً أثناء المحاضرة كتعزيز لما تم تقديمه أو كتهيئة للجزئية التالية التي سيتم مناقشتها. كما يمكن للمعلم أن يقسم الطلاب لمجاميع صغيرة على فترات من المحاضرة لإنجاز تكليف ما أو صنع حلقات نقاش أو ورش عمل تتخلل المحاضرة. وينبغي له توظيف التقنية والتطبيقات الحديثة كاستعمال شرائح الباوربوينت للعرض، أو تكوين حلقات تعلم في برامج التواصل الاجتماعي أو حوائط التعلم للنقاش حول موضوع المحاضرة ووضع الاستفسارات قبل وبعد المحاضرة، كما يمكن للمعلم أن يضاعف من تحقيق النواتج المرغوبة عن طريق تفويض الطلاب أو مجموعة منهم للتحضير للمحاضرة، وذلك بتوفير مصادر التعلم ووسائلها -إن أمكن- ، كما يمكنه إشراكهم في وضع محاور المحاضرة ومراجعها الرئيسية، وبذلك يوظف أساليب التفويض الإدارية لدعم التعلم.
وفي كل توجهات التدريس يجب أن يراعي المعلم المتابعة والإشراف العام على ممارسات الطلاب ومشاركاتهم التعلمية، لئلا ينحرف مسار العملية التعليمية، وبالتالي لا تتحقق النواتج التعليمية المرغوبة، كما أن التوجهات التدريسية المذكورة أو غيرها لن تحقق وحدها المطلوب مالم يتهيأ الإعداد الجيد والتخطيط الناجح للمحاضرة، وتوظيف التقنيات الحديثة، وتنويع مصادر التعلم وقبل ذلك الرغبة الصادقة في تحقيق تعلم منتج، مع وعي المعلم بأهمية ما يقدمه لطلابه، والتجديد المستمر فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق