بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 27 مايو 2016





التقويم المعتمد على الأداء
في ظل الظروف المحيطة بطبيعة الاختبارات المعتادة، والتي تقوم على ظروف مصطنعة يتم فيها تحفيز الطالب على عرض ما لديه من معارف ومهارات بصورة نصية، وحيث أن الشكاوى قد طالت هذا النوع من أدوات التقويم؛ نظراً لما يرتبط به من استعراض معرفي سردي لا يساعد على تنمية مهارات الطالب في مجالات التطبيق أو التركيب والابداع. وحيث أن التوتر والقلق المرافقان لاختبارات القلم والورقة يُعدان من أهم أسباب أخطاء القياس التي تلازم اختبارات القلم والورقة وتؤثر على تقييم أداء الطالب بصورة واضحة. فقد ظهر التقويم المعتمد على الأداء كتقويم ملامس للواقع ويتم في سياقات حقيقية تتيح للطالب استعراض مهاراته المعرفية بصورة تطبيقية، بل وتحفز الإبداع والابتكار لديه.
وتقوم فكرة التقويم المعتمد على الأدء على مرتكز يرى بأن التقويم لا يجب أن يتم في ظروف مصطنعة, بل يفترض به أن يتم من خلال ممارسات الطالب وأعماله. كما أنه لا يرتبط بمستويات الحفظ والتذكر فقط بل يراها الجوهر النظري الذي يعتمد عليه الطالب في تقديم مهاراته بصورة عملية. فبدلاً من ان يقوم الطالب بتعريف دالة السرعة، فإنه يقوم بتحريك سيارة مثلاً, ويحسب سرعتها وزمن الوصول مثلاً..الخ من خلال ما يشاهده. وبدلاً من أن يحفظ الطالب قانون مفتاح الخريطة، فإنه يرسم خريطة ويضع لها مفتاح ويشرح لنا كيف يمكن احتساب المسافات الحقيقية من عليها.

والحق أن هذا النوع من التقويم قد يبدو لأول وهلة صعباً على المعلم خصوصاً في ظل اكتظاظ الفصول, إلا أنه يمثل أحد الحلول المقترحة لتلك المشكلة!! فبدلاً من أن يلجأ المعلم كل مرة لتقويم مهارات كل طالب على حدة في فصل عدد طلابه 50 طالباً، فإنه يمكن تقويم عشرة مشاريع أو تجارب..الخ, بحيث ينجز كل مشروع خمسة طلاب معاً.
وعلى المعلم في البداية أن يجمع طلابه وأن يشرح لهم فكرة هذا التقويم. فمثلاً في حالة رغب المعلم ان يعطي طلابه الفرصة لإنشاء عمل فني يقوم فقط على معادلة الخط المستقيم, أو إنشاء مجسمات من الواقع تعرض أنماطاً هندسية أو جبرية، فإنه يقوم بداية بعرض الفكرة والهدف منها, ثم يتطرق إلى المجالات التي يمكن ان يُنفذ من خلالها المشروع!! فهل سيكون رسماً يدوياً، أو التقاط صور، استعمال تقنية معينة لرسم أو تشكيل المطلوب. ما هي معايير التقييم؟ هل هناك درجات سيتم توزيعها على كل مرحلة من مراحل العمل؟ مواعيد متابعة العمل. زمن التسليم. وكيفية توزيع العمل على أفراد المجموعة.
إن مزايا هذا النوع من أنواع التقويم لا يقوم فقط على حل أزمة اكتظاظ الفصول – وهي ميزة استمتعت بها شخصياً كمعلمة – إلا أنه يساهم أيضاً في تعليم أبنائنا الطلاب مهارات القرن الواحد والعشرين، كمهارات التفكير النقاد، وحل المشكلات وتحليل العمل، والتعلم التعاوني، ورسم الخطط، والتفاعل والتواصل مع المعلم والطلاب. كما أن ربطه بالمواد الدراسية الأخرى مثل ربط الانماط بالأحداث التاريخية، أو دراسة الأعداد الصحيحة من خلال متابعة أحوال الطقس..الخ يعزز من مهارات التعلم بشكل فاعل, ويخلق دافعية واتجاهات إيجابية نحو الرياضيات.

شاركوني تجاربكم في هذا المجال، وسأروي لكم تجاربي في التدوينات القادمة. تحياتي.

الاثنين، 9 مايو 2016

وعند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان!!




واحدة من أشد الامور على نفسي, وأكثرها صعوبة هي تجربة دخول لجنة الامتحان والخضوع لتقييم كمي يُحدد مستوى أدائي!!
كم هم مُفزع هذا الشعور لمعلمة بقيت لسنين طويلة وهي التي تتحكم بمقاليد الاختبارات وتُخضع الطالبات للتقييم الكمي, ثم انقلبت الموازين, وها أنا من يخضع للاختبار.

وحيث أنني بلغت من العمر مرحلة لم أعد أرى فيها للاختبار فائدة تُرجى لي فإنني أعزي نفسي بأنها تجربة تفاعلية تُبقيني على اتصال نفسي مع مشاعر طالباتي اللاتي يخضعن له. وهي تجربة تعلمني معنى الصبر والهدوء وكيفية تحويل الاختبار من تجربة تقيوء معرفي للمعلومات كما كان يتندر بذلك الشيخ الغزالي - رحمه الله - إلى تجربة علمية ورحلة معرفية ماتعة مع الكتب، خصوصاً وأن الكتب التي سأختبر فيها ليست من شريحة الكتب التي انتقيها لنفسي، وأأنسُ بمطالعتها  إما للمتعة أو للتعلم.

أيضاً واحدة من فوائد الخضوع للاختبار التقليدي لمن هم مثلي، ربما تتمثل في تأديب عقلياتنا المتحجرة كمعلمات، والتي ألفت اختبارات القلم والورقة واستعصت على القبول بطرق تقييم كمي أخرى سواها. وعليه فإنني الآن أشد قبولاً لطرق التقويم الواقعي والتشخيصي, وذلك المعتمد على تنمية مهارات التفكير العليا.

طبعاً ليس هذا وعداً مني بالعدول عن اختبارات القلم والورقة لطالباتي لكنه تدريب جديد على الانفتاح على الآخر وقبول المختلف، والتحلي بشيء من الجرأة لنبذ أساليب تقييم لا ترى سوى جانب الحفظ والتذكر عند المتعلمين.
ادعو لي بالتوفيق، فأنا قلقة جداً من اختبار الإحصاء المتقدم.