بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 21 سبتمبر 2017

تاريخ الرياضيات ... مقدمة قصيرة جداً!!



يأتي هذا الكتاب والمترجم من قبل مؤسسة هنداوي -أحب هذه المؤسسة- كإضاءة ممتعة على تاريخ الرياضيات، ولكن بصورة مختلفة قليلاَ.
فالكتاب لا يقدم التاريخ الرياضي متسلسلاً وإنما كما تذكر جاكلين ستيدال -المؤلفة- بصورة مواضيع تقدم تداخلاً تاريخياً لعصور مختلفة ومن وجهات نظر متنوعة.
الكتاب ممتع لأقصى حد ويقدم معلومات لطيفة وممتعة تصلح لتقديمها في الحصص الدراسية لخلق حوار حول الرياضيات والمفاهيم المغلوطة عنها وعن الرياضي وماهية الفكرة الرياضية، كما قد يساعد على خلق اتجاهات إيجابية وكسر روتين الحصص والتفكير في الرياضيات من زوايا مختلفة، خصوصاً المنظور الثقافي والاجتماعي الذي لا يتسيد فيه الفكر الغربي على التطور الرياضي كما ذاع سابقاً.
وتذكر مؤسسة هنداوي في تقدمها للكتاب ما نصه "مراجعة الرياضيات نشاط إنساني جوهري يمكن ممارسته وفهمه بطرق شتى. صحيح أن الأفكار الرياضية نفسها أبعد ما تكون عن الجمود، ولكنها تتغير وتتكيف مع مرورها عبر الفترات التاريخية والثقافات، وفي هذا الكتاب من سلسلة مقدمة قصيرة جداً تستكشف جاكلين ستيدال التنوع التاريخي والثقافي الثري لمساعي علم الرياضيات، من الماضي البعيد وحتى يومنا هذا من خلال عددٍ من دراسات الحالة المُشوِّقة المأخوذة من نطاقٍ من الأزمنة والأماكن، بما فيها الصين الإمبراطورية المُبكرة، والعالَم الإسلامي في العصور الوسطى، وبريطانيا في القرن التاسع عشر؛ يُلقِي هذا الكتابُ الضوءَ على بعض السياقات المختلفة التي تَعلَّمَ فيها الناسُ الرياضياتِ واستخدموها وورَّثوها"
يُنصح بقرائته قبل النوم كمحفز لطيف لأحلام رياضية ممتعة.
والرابط أدناه لتحميل الكتاب..شكراً هنداوي💞

الاثنين، 18 سبتمبر 2017


الكتاب أعلاه أحد الكتب الملهمة في مجال تعليم (STEM) للمرحلة الابتدائية وتقوم فكرة الكتاب على توظيف المدخل العلمي التاريخي لإلهام الأطفال وتحقيق معايير العلوم للجيل القادم. وبالتالي فإن مدخل (STEM) يوظف لتحقيق تلك المعايير. ويرتكز الكتاب في تنظيمه على البدء بمجال العلوم يليه الرياضيات، باعتبارهما الخلفية العلمية الأساسية لأي تكامل علمي، في حين تكون الهندسة والتقنية عوامل ربط وتنسيق ومساندة ولذلك تأتيان في الفصلين الاخيرين من الكتاب. كما أن تنظيم كل فصل يقوم على عرض صورة ونبذة تاريخية لعالم من العلماء في العصر الحديث أو الماضي، ومن ثم تقديم إلهام علمي مستوحى من أعمال العالم، وتقديم ربط علمي بتعليم (STEM)، وكيف سيسهم في تحقيق معايير الجيل القادم في العلوم.
والمثال التالي يقدمه الكتاب ضمن العديد من الأمثلة وهو مثال شديد العمق والغرابة والمتعة، ويمكن أن يخدم جميع المراحل التعليمية:
يبدأ المثال بالحديث عن السير روجر بنروز، ذلك الفيلسوف الرياضي الذي رأى في اللانمط نمطاً ممكناً!!

ولد في إنجلترا في 1931. وعلى مر السنين قام بنروز بالكثير من الأشياء المذهلة في مجالات العلوم والرياضيات. ولم يكتف بالحصول على العديد من الجوائز والاوسمة بل حصل على لقب فارس -أرفع لقب شرفي بريطاني يحصل عليه شخص- من قبل ملكة بريطانيا عام 1994. ومن ضمن العديد من الأفكار الرائعة التي وضعها بينروز ما عُرِفَ بـ "تبليط بينروز"، في السبعينيات من القرن الماضي، والذي عُدّ من مجالات الرياضيات الجديدة كلياً. وباستخدام هذا التبليط يمكن تكوين صور وأشكال هندسية لا منتهية من خلال التناظر الخماسي. وقد بذل بينروز جهودا لاكتشاف أشكال محددة تؤثر في تبليطته الخاصة وكان منها حتى الآن الأشكال التالية:
 



والفيديو التالي يوضح الفكرة.



ويمكن من خلال نشاط تبليط بنروز العمل على بناء التصاميم الهندسية المختلفة، وتكوين الأفكار عن طبيعة التكوين ومفهوم النمط والعلاقة، ويفترض الكتاب أن تنمية التفكير الناقد لمراحل دراسية أعلى ممكناً مع هذا التبليط. وبالتالي يمكن تقديم نشاط لطلاب بطريقتين:
الأولى: إعطاءهم الفرصة للوصول لتبليط بنروز من خلال الأشكال المنتظمة التي درسوها. وبالتالي التفكير في النظر لها بصورة مختلفة عن السائد كما هو الحال مع الشكل أدناه.
أو من خلال بناء أنماط تبليط بنروز من خلال الأشكال التي توصل بنروز لدورها في التماثل الخماسي في التبليط للأشكال الغير منتظمة!! وكل ذلك يمكن من خلال إما الرسم والتلوين أو استعمال برامج وتطبيقات تعنى بالتبليط كما هو الحال مع تطبيقات التبليط التفاعلية
ومن المهم الإشارة إلى وجود تطبيقات تربطنا بثقافتنا العربية والإسلامية من خلال تطبيقات التبليط التي تعنى بالفسيفساء والزخرفة الإسلامية. كتطبيق مرتبط بالتاريخ أو حتى بأنماط الديكور والتنسيق الحديث في البيوت المتمدنة.


السبت، 29 أبريل 2017

"جمعية حماية المستهلك وحمى التخفيضات" تجربة تربوية لربط الرياضيات بالواقع والثقافة المحلية لتحسين أداء طالبات الصف الأول متوسط في حساب النسب المئوية


وهذه تجربة أخرى شاركت بها في المؤتمر الخامس للجمعية السعودية للعلوم الرياضية..شاركوني آراءكم.

يشير مصطلح الرياضيات الثقافية إلى الممارسات الرياضية في شؤون الحياة اليومية والواقع المحلي السائد في مجتمع ما. وبالتالي فإنه يلقي الضوء على طرق التفكير وأساليب حل المشكلات، وإدارة قضايا المجتمع (المفتي، 2008)، وقد برز هذا المصطلح لأسباب منها:
1.   ما يتعلق بالتوافق مع وجهة النظر التي ترى أن إشراك الطلاب في مهام معمقة تنطوي على حل مشكلات وصناعة قرار وتحليل نُظُم، يساعدهم على عمل تصحيح ومراجعة لفهمهم الأولي للمحتوى الرياضي (مرزانو، 2009).
2.   الحاجة إلى إظهار أثر ارتباط الرياضيات بواقع الطلاب المُعاش، وتقديم استيعاب أكبر للروابط بين المفاهيم الرياضية المختلفة، وبين السياق العام للحياة بما يخلق اتجاه ايجابي نحو الرياضيات، ويجعلها أداة فاعلة لحل المشكلات.
3.    ربط الطالب بمجتمعه وثقافته، ومساعدته على الاندماج في فعالياته المختلفة، كما يعطي الطلاب شعوراً بالأمن للتعلم في أجواء مألوفة ومعتادة لدى الطالب (Averill, 2012)، (Nasir, 2016).
4.   تنمية القدرة على التفكير الناقد، والحس الاجتماعي، والمهارات الاحترافية التي تساعد لاحقاً في التأهيل لسوق العمل، ناهيك عن تنمية الإبداع وتطوير الحلول الخلاقة للمشكلات الحياتية المختلفة. (Carvalho, et la., 2015)
وللأسف فإنه رغم ارتباط مقررات الرياضيات المطورة بالواقع الثقافي للمجتمع، فإن الاهتمام بعرض ذلك بصورة عملية يبدو ضعيفاً، ولا يحقق المرجو منه، مما يخلق فجوة في التعلم لدى أبنائنا الطلاب ويحرمهم من الاستمتاع بالرياضيات كأداة فاعلة لحل مشكلات المجتمع وتسهيل أموره (المالكي، 2010).
وحيث أن النسبة المئوية وتطبيقاتها المختلفة في الحياة تشغل حيزاً أساسياً من مقرر الرياضيات للصف الأول المتوسط. فقد كان من المهم الاستفادة من الرياضيات الثقافية لدعم الأداء الرياضي للطالبات في حساب النسب المئوية، ولتوجيه أنظار الطالبات إلى دور الرياضيات في حل قضايا المجتمع ودورهن كعضوات فاعلات في مجتمعهن.
هدف التجربة:
1.            لفت أنظار الطالبات لارتباط الرياضيات بالواقع.
2.            مساعدة الطالبات على التمييز بين التطبيقات المختلفة للنسبة المئوية والحساب الأمثل لها.
3.            ربط الطالبة بواقعها وقضايا مجتمعها.

أهمية التجربة:
1.            الاستفادة من قضايا المجتمع ومشكلاته لدعم الأداء الرياضي للطالبات.
2.            تحفيز الطالبات للنظر إلى الرياضيات كأداة تفاعلية مع المجتمع وقضاياه.
3.            تنويع أساليب دعم الأداء الرياضي للطالبات.
المصطلحات الإجرائية للتجربة:
جمعية حماية المستهلك:
جمعية تطوعية تهدف لحماية المستهلكين من التخفيضات الوهمية، والغش التجاري.
وهذه الجمعية عضواتها هن جميع طالبات الصف الأول متوسط بالمتوسطة الواحدة والسبعون.
حدود التجربة:
تمثلت الحدود الزمانية في الفصل الدراسي الأول من العام الدراسي 1434- 1435 هـ, على مدى الفصل الدراسي، وكانت العينة المستهدفة هن جميع طالبات الصف الأول متوسط والبالغ عددهن 160 طالبة. في المتوسطة 71 في حي العزيزية جنوب الرياض، وهي بذلك تمثل الحدود المكانية للتجربة.
أداوت التجربة:
1.            الملاحظة المنظمة:
وُثقت ملاحظات الطالبات وحديثهن بكتابة ملاحظات آنية أثناء النقاش حول التقارير.

2.            متابعة تقارير الطالبات:
متابعة التقارير وتصحيحها، والاطلاع على أساليب الحساب المختلفة والتصاميم البيانية والملاحظات والتوجيهات، التي تسجلها الطالبة.

الإجراءات:
تمثلت إجراءات التجربة فيما يلي:
تقديم نبذة عن مفهوم جمعية حماية المستهلك وأهدافها النبيلة لحماية المجتمع من الغش التجاري بجميع أنواعه، بما في ذلك التخفيضات الوهمية. كما تُعنى تلك الجمعية بتقديم نصائح وتوجيهات للمستهلكين، من أجل استهلاك سليم وآمن للبضائع والسلع.
ويتمثل دور الطالبة فيما يلي:
1.            كل طالبة هي عضو من أعضاء جمعية حماية المستهلك ومهتمة بمكافحة التخفيضات الوهمية، ومساعدة المستهلكين من خلال جملة من النصائح والتوجيهات التي توجهها للمستهلكين.
2.            تقوم كل طالبة باختيار خمس سلع من فئة واحدة – مثلاً خمس أجهزة مختلفة تنمي لفئة الأجهزة الكهربائية، أو خمس أنواع من الخضروات والفواكه من فئة الخضروات، كما يظهر في الصورة على اليسار وهكذا دواليك– حيث تكون بين خيارين:
الأول أن يكون لدى الطالبة علم بنسبة التخفيض المُعلن عنها، حيث تتأكد من أن السعر الجديد هو السعر الحقيقي بعد التخفيض. أما الثاني أن يتوفر لدى الطالبة السعر السابق والسعر الحالي بدون الإعلان عن نسبة التخفيض – كما هو الحال غالباً لدى السوبر ماركت والبقالات- وهنا على الطالبة أن تحدد نسبة التخفيض وتوضحها للمستهلكين.
3.            على الطالبة أن تعد تقريراً يتضمن الآتي:
أ‌-             الحسابات المُستخدمة في العمل بالتفصيل. مع توفير تصاميم ورسوم بيانية عند الحاجة.
ب‌-         عرض الطالبة لرأيها الشخصي في التخفيضات التجارية من حيث القبول أو الرفض مع ذكر الأسباب الداعمة لهذا الرأي.
ت‌-         تقديم نصائح وملاحظات عامة قد تفيد المستهلكين من وجهة نظر الطالبة.

النتائج:
بالنسبة للنتائج فقد انقسمت لجزأين:
الأول: فيما يتعلق بالنقاش. وقد اشتركت فيه جميع الطالبات، وبدا الحماس لطرح الآراء ومناقشة دور الجمعية، ومشكلات الغش التجاري، وقد ناقشت الطالبات العديد من مشكلات الغش التجاري، التوجيهات العامة التي يمكن الاستفادة منها في مواجهة مشاكل الاستهلاك.
وقد برز الحس الأنثوي بصورة طاغية في الحديث عن الملابس وصيحات الأزياء، وأدوات التجميل.
فعلى سبيل المثال: أشارت الطالبة "م" إلى أنها أصبحت تهتم باستعمال الآلة الحاسبة في الجوال للتأكد من صحة التخفيض المُعلن عنه في محلات بيع الملابس بالتجزئة عند التفكير بالشراء.
فيما نبهت إحداهن زميلاتها إلى أن الموضة وحمى تغيير تصاميم الأزياء تتكرر تلقائياً عبر السنين، وروت لزميلاتها أمثلة عن الأحذية والملابس، التي تتكرر تصاميمها، وبالتالي يمكن الاستفادة من تخزين بعضها مدة من الزمن وعدم اللهاث المُستمر وراء شراء الجديد.
وقد تعارضت بعض الآراء مع بعضها خصوصاً فيما يتعلق بالألوان الدراجة لأدوات التجميل، ومدى مناسبتها للفتيات المراهقات.
وفيما يتعلق بالجانب الغذائي فقد اتضح ضعف الخبرة في هذا المجال، وذكرت أغلب الطالبات أنهن غالباً لا يشاركن أُسرهن التسوق في محال السوبر ماركت!! وفي الحالات التي يشتركن فيها، فإنهن يكتفين بدفع العربة، أو حمل الأكياس دون المشاركة في اختيار البضائع أو وزن الخضروات وغيرها من الممارسات التي تعطيهن الفرصة لتكوين خبرات تتعلق بالمجال الغذائي. 
الثاني: فيما يتعلق بالتقارير. فقد كانت التقارير المقدمة حوالي 76 تقرير أي بنسبة مشاركة بلغت 48% تقريباً وهي نسبة جيدة إذا ما علمنا الضعف الذي تواجهه الطالبات في الصف الأول متوسط في مشكلات الكتابة والإملاء، وللأسف فهي مشكلات شائعة في هذه المرحلة.
وبالنسبة لتفاصيل التقرير من حيث:
أ‌-             الحسابات وإيجاد النسب المئوية: فقد كانت أغلب الإجابات صحيحة والحسابات جيدة، ولم تنكر العديد من الطالبات تلقي المساعدة من الأهل أو الأصدقاء للوقوف على الطريقة الصحيحة للحساب أو التأكد من النتائج.
 وهنا ينبغي التأكيد على أمرين. الأول أن القبول بمساعدة الآخرين دليل على المشاركة وحس الاهتمام لدى الأهل، ويمكن تأطيره من خلال حث الطالبات على قبول المساعدة في جانب المتابعة والتوجيه وليس الحل الكامل، وهذا ما كان واضحاً بشكل إيجابي لدى الأغلبية. فيما كانت القلة القليلة هن من اعتمدن بالكامل على تلقي مساعدة كاملة في الحل وإيجاد النتائج، وهن غالباً من الطالبات اللواتي يُعانين تأخراً دراسياً لأسباب متنوعة كالمرض، أو ضعف القدرات. أما الأمر الثاني فإن اعتراف الطالبات بتلقي المساعدة والعون للحل وحساب النتائج يشير إلى ارتفاع مستوى الشعور بالأمن لدى الطالبة في علاقتها بالمعلمة. كما يمكن الاستفادة منه باعتباره يمثل دعماً دراسياً من مصدر آخر غير المعلمة، لتنمية قدرات الطالبة، كما هو الحال بالنسبة للطالبة "ب" والتي بررت اختلاف خطوات الحل جذرياً عن أسلوب الكتاب المدرسي بأنها استفادت من شرح أحد الأقارب لها حول كيفية حساب النسبة المئوية، وأشارت إلى أنها استحسنت طريقته في الحل، واعتمدتها في إعداد التقرير.
ب‌-         التمثيلات البيانية للنتائج: اعتمدت جميع الطالبات في التمثيل البياني على الأعمدة البيانية، والجدولة متجاهلات للتمثيل البياني باستعمال الخطوط والمنحنيات وكذلك لقطاعات الدائرية، وربما يعود ذلك إلى الضعف العام لدى الطالبات في التعامل مع مفاهيم رياضية كالتحويل من نسبة مئوية إلى زوايا ضمن القطاع دائري. خصوصاً وأنه كان أحد الدروس الأكثر صعوبة في عمليات التمثيل مقارنة بغيره. كما لا يمكن تجاهل بساطة التمثيل بالأعمدة وسهولة قراءته والتعامل معه، ويدخل عامل الخبرة على الخط إذ سبق للطالبات وأن تعرفن على التمثيل بالأعمدة في مراحل دراسية سابقة.
ت‌-         بالنسبة لتوجيه النصائح وعرض الآراء حول التخفيضات وأساليب الاستهلاك: فقد برز ضعف التعبير الكتابي، والأخطاء الإملائية بصورة كبيرة، إذ تعد هذه المشكلة من المشكلات الشائعة في هذه المرحلة. ويلعب التواصل الكتابي والمهارات اللغوية لدى الطالبة دوراً في ذلك، مما يعزز أهمية مثل هذا النوع من التجارب التربوية للتحفيز على تنمية المهارات الكتابية وتصحيح الأخطاء. كما كان توجيه الملاحظات، وإبداء الآراء، مختصراً واعتمد في العديد من الحالات على النقل النصي من الانترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي. وقد يكون أحد الأسباب هو عدم مشاركة العديد من الطالبات لأسرهن في التسوق -كما سبق ذكره- من حيث تبادل الآراء والشراكة في اختيار السلع ومناقشة مفاهيم مثل الجودة والسعر والميزانية والعلاقات المتشابكة فيما بينها. وهذا ما يبرز أهمية دور الأسرة في تنمية هذا الجانب كما هو دور المدرسة أيضاً.
وقد لعب عامل الثقة بالنفس لدى كل طالبة دوراً مهماً في مدى القدرة على توجيه نصائح ذات قيمة، وعرض الرأي والاختلاف مع الآراء المطروحة أو القبول بها. ولذلك فإن هذا النوع من التجارب والمشاريع يمكن أن يساعد على تطوير مهارات الكتابة والإملاء، والتواصل الاجتماعي وعرض الآراء وزيادة الثقة بالنفس.

التأمل الذاتي:
1.            مثلت هذه التجربة الفرصة لحصول تواصل حميم بين المعلمة والطالبات، وظهر ذلك التواصل من خلال المشاركة في النقاشات، أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي من خلال تطبيق الانستقرام –خصصت المعلمة حسابها في الانستقرام للتواصل مع الطالبات حول التجربة - لعرض التقارير ومشاركة النتائج، والعمل على إتقان التقرير المُعد قدر الإمكان.
2.            التجربة انعكست على المعلمة في تعاطيها مع الطالبات اللواتي يُعانين إخفاقاً في حساب النسب المئوية، مما ساعد على تقديم المزيد من العون والمتابعة لهن.
3.            برزت بعض الجوانب الملفتة في التنظيم، والتنسيق الإداري، والاهتمام بالجوانب الفنية والعرض الأنيق، مما يُشير إلى نجاح التجربة في ربط بعض الطالبات بمواهبهن الفنية أو الإدارية.
4.            برزت الرياضيات الثقافية بصورة واضحة عند الحديث عن النصائح التي يمكن توجيهها للمستهلكين، كما هو الحال مع الطالبة " م أ" والتي أشارت إلى أن على المستهلك الراغب في شراء عبوة اللبن ذات تاريخ صلاحية أطول، أن يختار من العبوات الداخلية في أرفف العرض في السوبر ماركت وليست تلك التي تقع في الجزء الظاهر للمستهلكين. كما برزت أيضاً في اختيار الطالبات للسوبر ماركت المتوافر في الحي، والسوق الأقرب لهن، كما وأن البضائع التي تم اختيارها ورصد نسب التخفيض لها كانت من الماركات الشهيرة والشائع تداولها لدى الطالبات وأسرهن.
5.            زاد من حماس الطالبات شكر المعلمة لهن على الانستقرام وتصوير النتاجات، وعمل تفضيلات لهن على التطبيق.
6.            ارتفع مستوى تقبل الطالبات للنقد في الحصص الدراسية، وازدياد مستوى المشاركة فيها.
7.            لم تقتصر الفائدة من التجربة على الطالبات، فقد أتاحت هذه التجربة للمعلمة العمل على إجراء تعديلات في التدريس، لمتابعة الإخفاق وقصور الأداء.
8.            العمل على تنمية جوانب تربوية دينية لدى الطالبات كحسن الخلق في التبايع، وتحريم الغش والاحتكار مثلاً.

من الصعوبات التي واجهت التجربة:
1.            كثرة أعداد الطالبات مما صعب مهمة تصحيح التقارير ومتابعة الأداء.
2.            الضغوط الإدارية والأعمال المكتبية الموكلة إلى المعلمة.
3.            عدم توفر مواصلات حرم الطالبات من فرصة ممارسة التجربة في الميدان كالسوبر ماركت أو السوق التجاري.
وتنوي المعلمة مستقبلاً دعم التجربة عن طريق:
1.                              التواصل مع مسئولين من جمعيات حميات المستهلك لتقديم المساعدة والنصائح للطالبات حول دور الجمعية، مع التوعية برقم أمانة مدينة الرياض 940 للإبلاغ عن المخالفات التجارية.
2.                              تقديم تقييم كمي فاعل لأداء الطالبات، لحفزهن على رؤية انعكاس مشاركتهن على أدائهن الرياضي.
3.                              التفكير في توسيع التجربة، وتوجيه الاهتمام لقضايا مجتمعية أخرى كالرعاية الصحية الأولية مثلاً، ودعم الأسر المنتجة.

















المراجع :
- المالكي ، محمد حسن (2010 ) : أثر استخدام رياضيات الثقافة المحلية في تنمية التحصيل والاتجاه نحو الرياضيات لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية بمحافظة الطائف . رسالة ماجستير غير منشورة , جامعة الطائف ، الطائف.
- المفتي ، محمد أمين ( 2008 ) : الرياضيات العرقية كمدخل للحوار بين الحضارات (رؤية ووجهة نظر) . مقال منشور ، مجلة آفاق جديدة لتعليم الكبار , كلية التربية ، جامعة عين شمس ، مصر.
- مرزانو ، روبرت ج. (2009) : الممارسات المدرسية الفاعلة : التطبيق العملي للأبحاث . كتاب مترجم ، ترجمة مدارس الظهران الأهلية , دار الكتاب التربوي للنشر والتوزيع ، الدمام.

- Averill, Robin (2012) ; Reflecting Heritage Culture in Mathematics Learning : The Views of Teachers and Students. Journal of Urban Mathematics Education . July 2016, Vol. 9, No. 1, pp. 7- 18.

- Carvalho, Carolina ; Fiuza, Edite ; Conboy, Joseph ; Fonseca, Jesuína ; Santos, João ; Gama, Ana ; Salema, Maria (2015) : Critical Thinking, Real Life Problems and Feedback in the Sciences Classroom. Journal of Turkish Science Education . June 2015, Vol. 12, No. 2.


- Nasir, Na’ilah Suad (2016) : Why Should Mathematics Educators Care  About Race and Culture? Journal of Urban Mathematics Education . July 2016, Vol. 9, No. 1, pp. 7- 18.

مشروع ندوة في الرياضيات استخدام مهارات طالبات المرحلة الثانوية المعرفية كأداة لربط الرياضيات بالواقع وكمؤشرات لتعديل أساليب التدريس


هذه التجربة التربوية والتي شاركت بها في المؤتمر الخامس للجمعية السعودية للعلوم الرياضية، وربما اختلفت من حيث طبيعة الممارسة الاكثر ميلاً للجوانب النوعية في جمع البيانات. واعتقد أن أهميتها تكمن في شيء من طابعها المفتوح واختلاف فكرتها عن السائد من التجارب والمشاركات في المؤتمرات...شاركوني أفكاركم حول ما قرأتموه وما هي انتقاداتكم..


في عصر أضحت فيه المعرفة سبيلاً للتقدم والرقي، والتنمية الإنسانية للمجتمعات، وصار نشر المعرفة وإنتاجها مهارة يتم تعليمها للطلاب منذ نعومة أظافرهم فإن الدور الذي يقع على عاتق معلم الرياضيات يتعاظم لدفع طلابه نحو طلب المعرفة وتوسيع أفقهم في البحث عنها والعمل على تطوير قدراتهم في نشرها وإنتاجها، بل وتطبيقها، فالرياضيات أضحت جزءا ًمن النشاط الإنساني والممارسة المجتمعية، والأبحاث تشير إلى أن تقديمها كقطعة معرفية ضمن مجموعة قطع معرفية أخرى يُساعد على تحقيق تعلم أفضل، وتفاعل اجتماعي أكبر (Brooks & Brooks , 1993)، (مينا ، 2004).
  وهو ما يتوافق مع معيار الربط والذي يعد أحد معايير العمليات التي تتبناها الـ NCTMباعتبارها عاملا مساعداً على رؤية الرياضيات في إطار يتجاوز الحصة الدراسية والمقرر المدرسي، ليُظهر الجانب التطبيقي للرياضيات(NCTM , 2006)، مما يساعد على تكوين اتجاهات إيجابية نحو الرياضيات، ويسهم في رفع مستوى تحصيل الطلاب فيها (المغيرة ، 1989)، (خضر، 1985)، (قطامي، 1998). ويحتاج تحقيق ذلك إلى توافر جملة من الشروط، منها: استخدام وتوظيف المعرفة في سياقات عامة غير محددة، والتركيز على الأنشطة والمشاريع المتنوعة وحلول مشكلات الواقع، وأن يحمل تطبيقها طابعاً اجتماعياً ((Beane , 1995.
وهذه الشروط تتوافق مع مهارات الولوج لمجتمع المعرفة والتي يحتاجها طلابنا لدعم نموهم العلمي والمعرفي، وتمكينهم من التواصل الفاعل مع مجتمعاتهم. فدعم الثقافة المعرفية من خلال البحث عن المعرفة، وتنمية قدرات الطلاب في مجال العثور على مصادر معرفية موثوقة، والعمل التعاوني ورفع مستوى الثقة بالنفس في عرض الأفكار وطرح الآراء يرتبط بالمهارات المعرفية والوجدانية والاجتماعية التي يتطلبها مجتمع المعرفة (صديق ، 2013)، (العنزي ، 2010)، (عليان ، 2012).
وقد اهتم التربويون بدور المعلم في تهيئة طلابه لولوج مجتمع المعرفة والمشاركة فيه بفاعلية، فقد ركز ((Hopkin , 1999 على دور معلم المرحلة الثانوية في هذا الجانب، ودعا لأن يكون تدريبه مرتبطاً بالمهارات اللازم توفرها لمجتمع المعرفة، مع ربط ذلك بمتطلبات الجودة الشاملة لتحقيق تعليم نوعي جيد.
فيما اهتمت (شلبي ، 2014) بالتركيز على تحول المهارات اللازم توفرها لمعلم العلوم في مرحلة التعليم الأساسي ورأت أن توظيف ربط العلوم المختلفة ببعضها وبالرياضيات، وممارسات التجريب والابتكار، والثقافة الواسعة والاطلاع على الجديد تشكل مهارات لا غنى عنها لمعلم العلوم.
وقد قدم (آل رفعه ، 2014) دراسة تحليلية في الأدب النظري في حول ارتباط دور المعلم بالتحولات القائمة في مجتمع المعرفة، وناقش تجديد الدور الذي يحتاجه المعلم السعودي للتوائم مع مجتمع المعرفة، وتوصل إلى ضرورة تغيير المعلم إلى طرائقه في التدريس والاهتمام بالبحث عن المعرفة من مصادر معلوماتية متنوعة، وعدم التوقف عند اقتناء المعرفة، بل العمل على تطبيقها ومحاولة إنتاجها، ودعا إلى أن يستوعب المعلم ثقافة البحث وحب الاستقصاء والتعلم المستمر، كما ناقش التفاعل الاجتماعي والشراكة المجتمعية في ذلك.
وقد أكد (عساف ، 2012) على جانب مهم يتعلق بتوجيه المعلمين لطلابهم في ضرورة تدريبهم على التعامل مع مصادر تعليمية خلاقة وجديدة تتلائم مع متطلبات مجتمع المعرفة.
وحيث أن مقررات الرياضيات المطورة للمرحلة الثانوية تعتمد معايير الـNCTM باتجاهيها المتعلقين بمعايير المحتوى ومعايير العمليات، فإن ربط الرياضيات بالواقع كأحد معايير العمليات متحقق في تلك المقررات، ناهيك عن اهتمام تلك المقررات بتنمية عدد من المهارات المعرفية كالبحث عن المعرفة ونشرها وتطبيقها من خلال العديد من التطبيقات الواقعية والمعلومات والمعارف الجاذبة المتضمنة ( العبيكان، 2009 )، ولكن وعلى الرغم من ذلك، إلا أن طالبات المرحلة الثانوية غالباً ما ينظرن لمقرر الرياضيات كمحتوى نظري مجرد، يتم التعامل معه من باب التلقي، بهدف حل الخوارزميات وإجراء الحسابات.
وعليه فإن دور معلمة الرياضيات يتعاظم من ناحيتين: الأولى لمساعدة الطالبات على رؤية الرياضيات في سياق الواقع، وحثهن على تنمية مهاراتهن المعرفية لتحقيق هذا الربط، من خلال تحفيز الطالبات على الاهتمام بالمشاركة في المشاريع والأنشطة التي ترتبط بمجال الترابط الرياضي. ولا عجب في ذلك إذ ترتبط مهارات الطلاب الرياضية بالواقع المعاش من خلال العمل والتجريب والمشاركة، باعتبارها مشجعاً فاعلاً للبحث والتأمل في الظواهر الكونية، والتفكير من منظور يتجاوز الكتاب المدرسي إلى فضاء الكون الرحب (عبد الحميد ، 2008)، كما أنها أحد عوامل التميز في تعلم وتعليم الرياضيات كما تشير لذلك الدراسة الدولية الـ  TIMSS  (Stigler and Hiebert , 2004)
ولا تقف فوائد المشاريع في الرياضيات على ذلك بل تتعداه إلى تحفيز الطلاب لولوج عالم المعرفة والتأهيل لسوق العمل، لما تتضمنه من تكوين الحس الاجتماعي، ودمج للعلوم المختلفة، مع تنمية القدرات القيادية، وأساليب البحث والتجريب والتأمل ((ahmed , 2008، (خشان ، 2008) ، (الشربيني ، 2009).
أما الناحية الثانية: فهي استغلال نتائج تلك المشاريع والأنشطة التي تمارسها الطالبات للعمل على تعديل أساليبها التدريسية، سواء كان ذلك من خلال استطلاع الآراء أو متابعة أداء الطالبات وملاحظته. وذلك باعتبار تلك النتائج مؤشرات صادقة تشير إلى الواقع المُعاش، وطبيعته وتلقي الضوء على مكامن الخلل لدى الطالبات والتي يمكن استغلالها للتعديل في التدريس (شاهين وريان ، 2007)، (Williams , 2004 & Brennan)
ورغبة من المعلمة في الوقوف على ما لدى الطالبات من مرئيات حول المهارات المعرفية وكيف يوظفنها لربط الرياضيات بالواقع، وما الذي يمكن تعديله من الأساليب التدريسية كنتاج لذلك، فقد كانت هذه التجربة التي تطرح التساؤلات التالية:
-كيف ترى طالبات المرحلة الثانوية الرياضيات في سياق الواقع؟
- ما هي المهارات المعرفية التي ستستعملها الطالبات في العرض؟
- ما الذي يمكن أن تشير إليه النتائج لتعديل التدريس؟
هدف التجربة:
هدفت هذه التجربة لـ:
-معرفة كيف ترى الطالبات الرياضيات في سياق الواقع.
-تعيين المهارات المعرفية التي استعملتها الطالبات في المشروع.
- تعديل بعض من أساليب التدريس استناداً إلى النتائج.
أهمية التجربة:
تكمن أهمية هذه التجربة في:
-توجيه أنظار معلمي الرياضيات إلى أهمية المشاريع ودورها في تحفيز التفكير في الرياضيات من خلال ارتباطها بالواقع.
-تقييم أداء الطالبات في مجالات متنوعة من خلال أساليب تتجاوز اختبارات القلم والورقة المعتادة.
-النظر إلى نواتج تلك المشاريع كمؤشرات مُعِينة لتعديل أساليب التدريس.
-التفكير في طريقة تفكير الطالبات في المرحلة الثانوية.  

المصطلحات الإجرائية للتجربة:
المهارات المعرفية:
تولدت المهارات المعرفية من ارتباطها بمجتمع المعرفة والذي يصعب تقديم تعريف جامع لمفهومه ولكن الباحثة تتبنى تعريف (عليان ، 2012) حيث يذكر أن مجتمع المعرفة هو المجتمع الذي يهتم بنشر المعرفة وتطبيقها وابتكارها ومشاركتها. وبناءاً عليه فقد ظهرت جملة من المهارات المعرفية المرتبطة بهذا المجتمع مثل : ماهية المعلومة -موضوعات الندوة-، موثوقية المصدر، العمل الجماعي، أسلوب عرض المعرفة ونشرها وتطبيقها. وهي المهارات التي تتبناها التجربة كمهارات معرفية.
الترابط الرياضي:
عرفت الـNCTM الترابط الرياضي بانه العمل الذي يستهدف إيجاد الترابطات الرياضية ومحاولة إنشائها لتكوين بنية رياضية، حيث يسعى لمواجهة عزل المفاهيم والتعامل مع الرياضيات كجملة من المهارات والمفاهيم المعزولة عن الواقع.( ـNCTM , 2000)
يُعرّف الترابط الرياضي إجرائياً بأنه جملة الممارسات القولية والفعلية التي ستقوم بها الطالبة لربط مادة الرياضيات بالواقع والمجالات المختلفة. كما سيبرز بصورة أوضح من خلال الإجابة على السؤال المرتبط بعلاقة الرياضيات بالعلوم الأخرى.

مشروع ندوة في الرياضيات:
المشروع إجمالاً هو مهمة تعليمية مرتبطة بالواقع، توكل لمجموعة أو مجموعات من الطلاب وتستلزم القيام بجملة من المهام المتنوعة والخطوات المتدرجة بهدف تحقيق نواتج محددة سلفاً. (الشربيني، 2009)
مشروع ندوة في الرياضيات هو مشروع جماعي للطالبات حول اختيار موضوع في مجال علمي ما، بحيث يبرز من خلاله المهارات المعرفية للطالبات، وعلاقة الرياضيات بالموضوع والواقع المُعاش.
حدود التجربة:
تمثلت الحدود الزمانية في الفصل الدراسي الثاني من العام الدراسي 1435- 1436 هـ، على مدى زمني بلغ شهر ونصف، وكانت العينة المستهدفة هن جميع طالبات الصف الثاني ثانوي العلمي والبالغ عددهن 148 طالبة. في الثانوية 113 في حي العزيزية جنوب الرياض، حيث تعمل المعلمة، وهي بذلك الحدود المكانية للتجربة.
أداوت التجربة:
الملاحظة المنظمة:
وتعتبر هذه الطريقة في الملاحظة أحد الطرق للحصول على مؤشرات وملاحظات تتجاوز ذاتية المستجيب وتحيزه، كما يتوفر فيها مستوى من المصداقية باعتبار أن الطالبات يظهرن على سجيتهن، مما تتيح صدقاً أكبر في ظهور النتائج، وحتى تكون ذات فعالية فقد تم توثيق ملاحظات الطالبات وحديثهن بكتابة ملاحظات آنية أثناء العرض مع الحصول على نسخ مكتوبة من عرض المشروع، وما هي ممارسات الطالبات فيه (علام ، 2006).
الإجراءات:
تمثلت إجراءات التجربة في ما يلي:
تقديم نبذة عن مشروع "ندوة في الرياضيات" والتعريف به كعمل جماعي تستعمل فيه الطالبات مجموعة من المهارات المعرفية لمعرفة كيف ترى الطالبات الرياضيات في الواقع. حيث تقوم مجموعة من الطالبات بعرض موضوع علمي في مجال ما، على أن يكون هناك ارتباط بين ذلك الموضوع وبين الرياضيات، تبعاً للشروط التالية:
1)            أن تكون الندوة من أي مجال علمي ممكن، فيزياء، كيمياء، حاسب..الخ.
2)            أن تكون المعلومات عن الموضوع المُختار من مصدر علمي موثوق، سواء كتب علمية أو من مواقع إلكترونية علمية موثوقة. ونظراً لعدم توفر مكتبة في المدرسة، فقد وُجهت الطالبات لطريقة اختيار الكتب عن طريق عرض خمسة كتب في مجالات علمية مختلفة تنتمي لثلاث دور نشر اثنان منها صادرتان عن الناشيونال جيوغرافيك، واثنان من سلاسل كتب الفراشة وواحد عن دار أكاديميا، وقد وقع الاختيار على تلك الكتب لعمقها العلمي وبساطة الطرح وجاذبيته بما يتناسب مع مستويات طالبات المرحلة الثانوية، ناهيك عن جودة الورق وجماليات العرض والخط والإخراج الفني ككل لتحفيز الطالبات على القراءة.
صورة من بعض الكتب التي كانت نواة التجربة
3)            ألا يتجاوز عدد الطالبات في المجموعة الواحدة ست طالبات.
4)            للمجموعة الحرية في طريقة تقديم الندوة سواء كمحاضرة، أو عرض تقديمي، أو إجراء تجربة علمية أو خليطاً من هذا وذاك، سواء كان ذلك بصورة علنية أمام طالبات الصف أو مختصرة بين المعلمة وطالبات المجموعة.
5)            ألا تزيد مدة الندوة عن حصة دراسية مدتها 45 دقيقة.
6)            التحضير الجيد للمعلومات للاستفسار عن أي جزء يتعلق بالمشروع، بالإضافة إلى الإعداد للإجابة عن السؤال المتعلق بعلاقة الموضوع المعروض بالرياضيات؟ وارتباط ذلك بالواقع.

النتائج:
وعلى مدى شهر ونصف هي مدة المشروع، فقد تكونت إحدى عشرة مجموعة بعدد (53) طالبة. توزعن على المجموعات ذات المواضيع المُدرجة أدناه:
الموضوع
عدد الطالبات
1)            الأهرامات
6 طالبات
2)            التفاضل والتكامل
3 طالبات
3)            درب التبانة
6 طالبات
4)            الجانب المظلم للعلم
6 طالبات
5)            رموز رياضية شهيرة
6 طالبات
6)            سور الصين العظيم
6 طالبات
7)            برج بيزا المائل
6 طالبات
8)            الضوء
5 طالبات
9)            حقائق غريبة عن العلماء
طالبتان
10)         المتحف الوطني
طالبتان
11)         الجدول الدوري
5 طالبات

النتائج:
من خلال الملاحظة وجمع البيانات، فقد رُصدت النتائج التالية:

أ‌)               مستوى المشاركة:
شاركت في الندوة 53 طالبة من أصل 148, وبنسبة تشكل حوالي 36 %. أي ما يعادل ثلث الطالبات تقريبا، وربما يعود ذلك إلى تخوف الطالبات عموماً من المشاركة في البرامج والمشاريع الجديدة، خصوصاً إذا كانت تخضع لمساءلة وعرض أفكار أمام المعلمة والطالبات.
وحيث أن المعلمة قامت بتدريس طالبات الصف الثاني ثانوي لأول مرة في هذا الفصل الدراسي، فقد كان متوقعاً ألا يكون عدد المشاركات كبيراً. ناهيك عن حساسية سن المراهقة للمواجهة أمام الآخرين وعرض الأفكار ولذلك تبدو الحاجة الملحة لتطوير قدرات الطالبات في هذا الجانب.

ب‌)           مصادر المعلومات:
فقد اتفقت جميع المجموعات على اختيار الإنترنت كمصدر بحث للمشروع ماعدا مجموعات "درب التبانة" و"رموز رياضية شهيرة" و"الضوء" و"الجدول الدوري" اللواتي اعتمدن اختيار موضوعات من الكتب الموصى بها. فيما لجأت مجموعة "المتحف الوطني" لمتحف دارة الملك عبد العزيز لتصوير المعالم الطبيعية والبنية التضاريسية والأحافير في شبه الجزيرة العربية.
وكما يبدو أعلاه فإن النتائج تشير إلى أن الطالبات غالباً يخترن المصادر السهلة للحصول على المعلومات ولذلك يبدو الانترنت كمصدر بحثي جاذب يقدم المعلومات بصورة متكاملة، ويُعد الوسيلة الأسرع والأسهل للوصول للمعلومة من الكتاب، الذي يستغرق وقتاً لدى الطالبات في اختيار نوع الكتاب وقراءته والبحث فيه. ويؤكد ذلك أن المجموعات الأربع التي اعتمدت موضوعات من الكتب الموصى بها، نقلن الموضوع المُختار نصاً، بدون اللجوء لمصادر دعم أخرى. ويُعد هذا مؤشراً دالاً على ضعف القراءة العامة لدى الطالبات، مما يلقي الضوء على دور المعلمة في تحفيز الطالبات على القراءة والإشارة عليهن بأنواع من الكتب في مجالات شتى.

ت‌)  موثوقية المصدر:
في جميع المجموعات التي استعملت الانترنت كان الموقع الرئيسي هو الويكيبيديا، مع الاعتماد على المواقع العامة والمنتديات.
ويبدو الاهتمام بموثوقية المصدر ضعيفاً بسبب عدم وعي الطالبات بأهمية موثوقية المصدر، ومصداقيته. وقد بدا واضحاً ذلك لديهن. فعلى سبيل المثال ذكرت الطالبة "ن" في مجموعة "الأهرامات" أن هناك سراً مدفوناً لقارة مجهولة تحت القدم اليمنى لأبو الهول، قائلة "يقولون فيه سر لقارة سرية مدفونة تحت قدم أبو الهول، وأنه الحكومات تحاول تضغط على مصر عشان توافق لكن إلى الآن مصر ترفض" وبالاستفسار منها عن مقصودها من السر والقارة السرية وسر اهتمام الحكومات بهذا الأمر، فقد اعتذرت عن الإجابة بحجة أنها لم تفهم جيداً القصة، لكنها أعطت اسم الموقع الذي ذكر الأمر وأصرت على صحة ما ذكرته حول الأسرار المخبأة.
أيضاً مجموعة "الجانب المظلم للعلم" عرضن صوراً وحكايات حول مشاركة مجموعة من العلماء الألمان في تعذيب البشر في العهد النازي، والتلاعب بهم لتنفيذ عدد من التجارب أو لتشويههم وإيذائهم، وقد تطرقن بدون وعي لأفران الغاز والهولوكوست، بدون أن يعلمن أنهن خلطن بين هذا وذاك، ودون تفنيد الواقع والخيال في تلك الروايات، بل كان عامل الصور والحكايات البشعة المروية على شبكة الانترنت كافٍ لعرض الموضوع في مشروع "ندوة في الرياضيات".
وكما يبدو أعلاه فإن جانب الإثارة والتهويل وعالم الغموض والأسرار يطغى على أهمية موثوقية المصدر، مما يجعل الطالبة لا تقع فقط في مصيدة الخرافات، وإنما قد تنجر لقضايا حساسة وذات طابع سياسي أو عقدي يصعب عليها استيعاب حقيقته طالما كانت لا تميز بين المعلومات الصحيحة والخطأ. وهذه أحد القضايا المهمة والتي ينبغي على معلمة الرياضيات الالتفات لها.

ث‌)  موضوعات الندوة:
يبدو واضحاً من اختيار الموضوعات لزوم جانب الحذر في الاختيار لموضوعات سهلة وشائعة كموضوعات "الأهرامات" و "الجدول الدوري"، "برج بيزا المائل"، و"الضوء" و"سور الصين العظيم". أو تلك التي توفر لها معلومات متكاملة في مكان واحد كما هو الحال مع مجموعات "الجدول الدوري" و"درب التبانة" حيث توفرت المعلومات في الكتب الموصى بها. بينما توفرت الصور في مقر متحف دارة الملك عبد العزيز مما سهل على مجموعة الـ"متحف الوطني" الحصول على الصور من نفس المكان.
ويبرز هنا أيضاً دور آخر للمعلمة يتعلق بتحفيز الطالبات على المبادرة والجرأة في البحث عن الموضوعات المختلفة، كما هو الحال مع مجموعة "حقائق غريبة عن العلماء" والتي اعتمدت البحث في الكتب ومواقع الانترنت، على الرغم من أن المواقع الإلكترونية شابها ما شاب مثيلاتها من عدم الموثوقية في عرض المعلومة.
ويبرز أمر آخر يتعلق بتوجيه الأنظار للمنجز الوطني في كل المجالات. وذلك لدعم الانتماء الوطني والاعتزاز بالمنجزات الثقافية للوطن. فعلى سبيل المثال حينما سُئلت مجموعة "برج بيزا المائل" عن سبب اختيارهن للموضوع، كان الرد لأنه أحد عجائب الدنيا السبع ويحظى باهتمام اليونسكو التي أفردت له اهتماماً خاصاً واعتبرته من ضمن لائحة التراث العالمي، وعندما سئلت الطالبات عن حي الطريف التاريخي في الدرعية، وكيف أنه أُدرِج ضمن لائحة التراث العالمي، فقد أبدت الطالبات استغرابهن للأمر وأنهن لم يعرفن بذلك من قبل!!
وترى الباحثة أن يذلك يرتبط ارتباطاً وثيقاً بضعف القراءة العامة والاطلاع لدى الطالبات، كما أن هناك جانباً يرتبط بضعف الدعاية للمنجزات الوطنية بصورة جاذبة للطالبات سواء في المدارس أو مواقع الانترنت التي ترتادها الطالبات كما هي الحال مع منجزات عالمية كالأهرامات وسور الصين العظيم وبرج بيزا المائل مثلاً.

ج‌)   أسلوب العرض:
التزمت جميع المجموعات باستثناء مجموعة "المتحف الوطني" باستعمال أسلوب الإلقاء مع توفير عرض تقديمي "باوربوينت" من إعداد الطالبات باستثناء مجموعة "التفاضل والتكامل" والتي قدمت عرضاً منقولاً من اليوتيوب. علماً بأن المجموعات "درب التبانة"، "رموز رياضية شهيرة"، "حقائق غريبة عن العلماء"، "الجدول الدوري"، و"التفاضل والتكامل" ألقت العرض بحضور طالبات الصف، فيما تولت المجموعات الخمس الأخرى الإلقاء بصورة مختصرة بين الباحثة وطالبات المجموعة نفسها. أما مجموعة "المتحف الوطني" فقد اكتفت بتقديم ألبوم صور يعرض محتويات المتحف ومعلومات عنه.
ويعكس أسلوب العرض للمجموعات البعد عن القيام بأي تجارب علمية، أو ممارسات ميدانية باستثناء التصوير في المتحف، وربما يعود ذلك إلى أن الطالبات عادة لا يحظين بفرصة التجريب والممارسة الميدانية أثناء التعلم، كما أنهن يتأثرن بممارسات معلماتهن التدريسية، والتي تركز عادة على الإلقاء واستعمال عروض الباوربوينت في أحسن الأحوال. والحال نفسه في المعامل غالباً حيث أن المعلمة هي من تقوم بالتجربة لنقص الأدوات وضعف التجهيزات، ناهيك عن الاهتمام باستهلاك الوقت لإنهاء الدرس بدلاً من استهلاكه في إعطاء الفرصة للطالبات للتجريب والتعلم الذاتي.
علماً بأن مجموعة "الضوء" هي المجموعة الوحيدة التي اعتذرت عن القيام بتجربة وأبلغت الباحثة بذلك نظراً لضغط المعامل في المدرسة وتكدس الجدول فيها، ناهيك عن تخوف المعلمة المسئولة عن المعمل من السماح للطالبات باستعمال المعامل، لئلا تتأثر العهدة في المعمل وما يتبع ذلك من مساءلة. وهذه نقطة يجدُر الوقوف عندها طويلاً فالطالبات بحاجة للثقة بالنفس والتجريب والتعلم الذاتي، مع تدريبهن على احترام الممتلكات العامة وتقدير المعامل والعناية بها. وهذه أحد الأمور التي يمكن العمل عليها من خلال توفير فرصة التجريب باستعمال أدوات بسيطة تتوفر في البيئة المحيطة، والعديد من التجارب لها تطبيقات متنوعة على الانترنت يمكن الاستفادة منها في إعطاء الطالبات فرصة التعلم الذاتي وعدم الاكتفاء بالشرح النظري. ومعلمة الرياضيات يفترض بها العمل على إتاحة الفرصة للطالبات لتقديم تطبيقات رياضية من خلال التجريب والممارسة.

ح‌)            العمل الجماعي:
 بدا العمل الجماعي لدى جميع المجموعات غير واضح بصورة كبيرة، فغالباً ما تتصدر العرض واحدة أو اثنتان من المجموعة، فيما تراقب الباقيات العرض، وعندما تدخلت الباحثة لطرح أسئلة على الباقيات حول العرض بدا ارتباكهن واعتمادهن على القراءة من شرائح الباوربوينت أو البطاقات التي تحمل معلومات العرض كما ظهر ذلك لدى مجموعة "سور الصين العظيم" ومجموعة "التفاضل والتكامل" والتي اعتمدت فيها الطالبات على القراءة من الشرائح بصورة مباشرة، مما يشير إلى أن مفهوم العمل الجماعي يعتمد لدى الطالبات على وجود قيادة للعمل فيما تتكل الباقيات على أمر المشاركة الصورية وأحياناً الأعمال الجانبية الداعمة للعمل كتنسيق العرض أو الترتيب لموعده.
وللأسف فإن غموض مفهوم العمل الجماعي وتوزيع المهام، والمشاركة في البحث والاختيار والثقة بالنفس عند مواجهة الجمهور، أمور تؤثر بدرجة كبيرة على العمل الجماعي وتجعله يخرج عن دوره المفترض إلى دور القائد والأتباع.
وقد توجهت الباحثة بالسؤال لجميع المجموعات حول سبب لجوء الطالبات لمثل هذه الممارسات، بدون ردود واضحة. وترى الباحثة أن الأسباب المتعلقة بضعف القراءة والاطلاع، مع عدم الثقة بالنفس لدى العديد من الطالبات خصوصاً في مرحلة المراهقة يعزز اعتماد المجموعات على الطالبات ذوات الشخصية القيادية في العمل، وأولئك الأكثر اطلاعاً أو جرأة ومبادأة. 
وفي مثل هذه الحالات يُفترض بمعلمة الرياضيات دعم الجميع بنفس المستوى والعمل على توزيع الاهتمام على جميع طالبات الصف في الحصة الدراسية وغيرها بغرض تنمية ثقتهن بأنفسهن، مع توفير تقييم كمي للأعمال والمشاريع الجماعية بحيث يتوزع هذا التقييم على العمل الجماعي ككل، وعلى الجهد الفردي لكل طالبة في المجموعة. كما أن طريقة المعلمة أثناء العرض في التلطف مع الطالبات وكسر حواجز القلق لديهن تعزز قدراتهن في المشاركة لاحقاً في الأعمال والمشاريع الجماعية المستقبلية، كما هو الحال مع أول عرض تم تقديمه مجموعة "درب التبانة" حيث جلست الباحثة –المعلمة- بين طالبات الصف بغرض تخفيف الضغط النفسي على طالبات المجموعة، ولتحفيز التعليقات والمشاركة بين الطالبات في الصف حول موضوع العرض، ولإرسال إشارات إيجابية لطالبات المجموعات اللواتي سيعرضن مستقبلاً.  كما يمكن استغلال تحفيز الطالبات ورفع ثقتهن بأنفسهن عن طريق الحديث عن دور مثل هذه المشاركات في التدريب المبكر على المواجهة والتفاعل مع الآخرين كتهيئة للانتقال للجامعة أو الالتحاق بعالم الوظيفة، كما حدث في عرض مجموعة "سور الصين العظيم"، حيث اكتفت الطالبة "هـ" بالابتسام والصمت بدون التعليق أو المشاركة لأنها لم تعتد الحديث أمام الآخرين رغم أن العرض كان مقتصراً على طالبات المجموعة والباحثة –المعلمة-، وهذا ما حدا بالباحثة للحديث معها ومع المجموعة حول أهمية هذه المشاركات ونفعها التدريبي لتنمية. ويشكل تعزيز الطالبات لبعضهن وروايتهن لتجاربهن الخاصة في مواجهة الجمهور أحد الحلول الممكنة لتنمية الثقة بالنفس ومواجهة الجمهور، كما هو الحال مع مجموعة "رموز رياضية شهيرة" حيث كان القلق سيد الموقف لدى الطالبة "ر" في العرض وذكرت قبل البدء بالعرض أنها لم تنم طوال الليل رغم أن العرض الخاص بها لم يتجاوز العشر دقائق، وعلقت قائلة " ما اتوقعت أنه العرض قدام البنات يخوف كيذا" وكان انتشار الضحكات وتعليقات الطالبات اللواتي سبقنها في العروض سبباً للتخفيف من حدة قلقها وانطلاقتها في الحديث.

خ‌)   الربط بالرياضيات:
كانت المفاجأة في تعبير جميع المجموعات أن ارتباط الموضوع المعروض بالرياضيات من خلال المعادلات والعمليات الحسابية فقط، ولم تستطع أي مجموعة إيجاد أي ارتباط آخر، باستثناء "برج بيزا المائل" الذي علقت فيه الطالبة "د" بأن "الأشكال الهندسية والقياسات للأقواس في البرج تُظهر دور الرياضيات في إنشاء البرج". وذكرت الطالبة "ب" من مجموعة "رموز رياضية شهيرة" أن مسمى الموضوع واضح ويرمز للرياضيات، فيما لم توجد طالبات مجموعة "الجانب المظلم للعلم" أي ارتباط للموضوع بالرياضيات، وعلقت الطالبة "ع" بأن إعجابها بالموضوع هو ما دفعهن لاختياره بغض النظر عن ارتباطه بالرياضيات أم لا!! (لاحظ الاختيار الفردي للموضوع والإعداد له كان من قبل طالبة واحدة، مما يؤكد على عدم وجود تفاعل اجتماعي كاف في المشروع الخاص بهن)
فيما بررت الطالبة "أ" من مجموعة "حقائق غريبة عن الرياضيات" ارتباط الرياضيات بالموضوع بسبب وجود حقائق غريبة عن علماء رياضيات من ضمن تلك الحقائق المعروضة، ولم تُقدم ربطاً واضحاً إلا في إشارتها للحديث عن العالم فاراداي وأن ضعفه الرياضي سبب تعثر العديد من مشاريعه البحثية المرتبطة بالكيمياء. وهذا ما يعكس عدم وضوح ارتباط الرياضيات في أذهان الطالبات بالواقع، حيث لم تُشر أي منهن لدور الرياضيات في تنمية مهارات التفكير وحل المشكلات، وحتى فيما يتعلق بربط الرياضيات بالمعادلات والحسابات فلم تقدم أي مجموعة توضيحاً دقيقاً لهذا الدور ماعدا مجموعة "التفاضل والتكامل" والتي كان العرض الجاهز أساساً يناقش حل مشكلة حساب مساحات الأشكال غير المنتظمة، ورغم أنه ناقش حل المشكلات في العرض إلا أنه التعليق من قبل الطالبات في المجموعة اقتصر على دور الرياضيات في حل المعادلات وإجراء الحسابات.
ولذلك ترى الباحثة، أن هناك خللاً واضحاً في تقديم الرياضيات للطالبات، إذ ينبغي توجيه الأنظار إلى دور الرياضيات في حل المشكلات وتنمية مهارات التفكير من خلال حل تمارين مهارات تفكير عليا مثلاً، أو تطبيق ممارسات عملية لمشكلات من الواقع بحيث تحتاج فيها الطالبة إلى الرياضيات لحل المشكلة. فالمسائل في باب الاحتمالات والمسائل المتعلقة بتطبيقات النسب المثلثية على سبيل المثال يمكن تقديمها للطالبات على شكل ممارسات عملية، من خلال مشاريع وأنشطة سواء قبل الدرس كتطبيق لتعلم قبلي أو بعده لربط المعلومات الجديدة بالسابقة.
وتتوافق هذه النتائج مع النتائج التي توصل إليها مجموعة من التربويين والمؤسسات البحثية المهتمة بهذا الجانب لضعف المهارات المعرفية للطلاب، مما يؤثر سلباً على التنمية والاستدامة في مجتمع المعرفة، وهو ما يمتد لاحقاً ليؤثر على الأداء الأكاديمي للطلاب كما أشار كل من (صديق ، 2013) ، (الحوت ، 2011).

التأمل الذاتي:
يبدو من خلال النتائج الخلل الكبير في المهارات المعرفية للطالبات، والتي يجب أن نستلهم منها إجراءات وممارسات لتعديل سلوكياتنا التدريسية كمعلمات رياضيات. ومن ضمن تلك التعديلات:
1)            العمل على تنمية حب القراءة والاطلاع، ولا يتحقق ذلك ما لم تكن المعلمة على اطلاع ومتابعة للجديد، من خلال القراءة ومتابعة وسائل التواصل الاجتماعي. حيث يظهر ذلك في لغة المعلمة عند الحديث، وفي ربطها الدروس أثناء الشرح بمعلومات من كتب وتطبيقات تشير فيها المعلمة للمصدر سواء كان كتاباً أو موقعاً إلكترونياً..الخ، بحيث يلتزم جانب الموثوقية.
2)            الانفتاح على الطالبات وقبول الآراء والنقد بدون هجوم عامل مساعد لدفع الطالبات في عرض أفكارهن والكشف عن مرئياتهن للعالم المحيط، مما يساعد على تصحيح الأخطاء وتكييف أساليب التفكير للحكم والحكم الذاتي وتقويم الخلل.
3)            النظر إلى مقرر الرياضيات كمصدر من مصادر المعرفة وليس المصدر الوحيد.
4)            البحث عن مصادر معرفية وتوجيه الطالبات لها، بحيث يسهل من خلالها الوصول للمعرفة ونشرها وتطبيقها بصورة عملية كما هو الحال مع أكاديمية خان، أو يوريكا شو، والتطبيقات للتجارب العلمية على اليوتيوب، بهدف تسليط الضوء على الجوانب التطبيقية الرياضيات، وتطبيق ذلك عملياً.
5)            تغيير منظور المعلمة للأنشطة والتطبيقات خارج الحصة، فبدلاً من الاكتفاء بالأبحاث المكتبية مثلاً، يفترض الاهتمام بالعمل على تنظيم أنشطة ومشاريع تطبيقية للمفاهيم الرياضية التي يحتويها المقرر.
6)            دور المعلمة ليس تدريسياً فقط، فالخروج من هذه البوتقة إلى فضاء التربية الأرحب، من خلال المشاركة والتفاعل مع الطالبات، ومتابعة أفكارهن حول ما يشاهدنه ويسمعنه في وسائل التواصل الاجتماعي أمر في غاية الأهمية.
7)            تسهم مثل هذه المشاريع والأنشطة في رفع مستوى التواصل بين المعلمة والطالبات وبين الطالبات أنفسهن، لرفع مستوى التشارك وتبادل الآراء والمعلومات.
8)            التفكير في أساليب وطرق عملية توظف التكنولوجيا والأجهزة الذكية كعوامل مساعدة على تطبيق المعرفة ونشرها، بل وإنتاجها كذلك.

 من الآثار الإيجابية للمشروع:
1)            لفت أنظار الطالبات لمتعة القراءة، وقد بدا ذلك واضحاً من خلال اللهفة على استعارة الكتب المعروضة والاهتمام بالمعلومات الواردة فيها.
2)            ارتفاع مستوى تقبل النقد في الحصص الدراسية، وازدياد مستوى المشاركة فيها.
3)            ظهرت قدرات قيادية لدى مجموعة من الطالبات اللاتي لم يُلحظ ذلك عليهن أثناء الحصص الدراسية المعتادة.
4)            الطالبات يمتلكن العديد من المهارات التي تحتاج إما لدعم أو تطوير كالمهارات القيادية، والتفاعل الإيجابي مع التقنية، وحب الإثارة والبحث عن الغموض.

من الصعوبات التي واجهت المشروع:
1)            كثرة أعداد الطالبات مما صعب مهمة الحصول على أوقات تناسب عرض المشاريع المقدمة.
2)            ضعف القراءة والاطلاع لدى الطالبات، لم يؤثر فقط على طبيعة المواضيع المعروضة ومصادرها، بل تجاوز ذلك إلى الاستعاضة عنه بالانترنت بالإضافة لضعف أسلوب العرض لدى العديد من الطالبات وتأثر العمل الجماعي بذلك.
3)            الضغوط الإدارية والأعمال المكتبية الموكلة إلى المعلمة صعّبت المهمة على المعلمة.
4)            عدم توفر تقييم كمي فردي يدعم العمل الجامعي للمشاريع المقدمة، ربما كان عاملاً في إحجام البعض عن المشاركة، أو ضعف مشاركة البعض الآخر.
تنوي المعلمة مستقبلاً توفير كتب بكميات أكبر لدعم مكتبة المدرسة، على أن تكون تلك الكتب متضمنة لتطبيقات وأنشطة رياضية وعلمية تهدف لدعم تطبيق المفاهيم الرياضية بصورة عملية، كما تنوي مستقبلاً توفير وسائل تقييم كمية لتحفيز الجميع على المشاركة.
ومن ضمن التعديلات المطروحة التخطيط لدمج التقنية في التدريس –للمعلمة تطبيقات سابقة في ذلك لكن مع المرحلة المتوسطة- سواء باستعمال تقنيات الفصل المقلوب، أو منصات التعلم كالايدمودو ووسائل التخزين السحابي مثلاً لخلق فرص تواصل أكبر وتدعيم ممارسات تتعلق بتطبيقات ميدانية لمفاهيم رياضية مجردة من خلالها.






المراجع:

1-           آل رفعة ، مسفر ( 2014 ) : تجديد دور المعلم السعودي للتوائم مع مجتمع المعرفة : دراسة تحليلية . بحث منشور ، مجلة العلوم التربوية ، مصر ، مج 2 ، ع 2، ص 115 – 155.

2-           أبو علام ، محمود (2006) : مناهج البحث في العلوم التربوية والنفسية . دار النشر للجامعات ، مصر.

3-           الحوت، صبري (2011) : حال المعرفة في المجتمع وتداعياته على المعرفة التربوية. مقال منشور ، مجلة دراسات تربوية ونفسية ، كلية التربية بالزقازيق، مصر.

4-           خضر ، نظلة ( 1985 ) : أصول تدريس الرياضيات. مكتبة الأنجلو المصرية ، مصر.

5-           خشان، خالد ) 2008 ) : أثر استخدام نشاطات قائمة على معيار الربط في تحصيل طلبة الصف الثامن الأساسي في مادة الرياضيات، بحث منشور ، مجلة إربد للبحوث والدراسات ، الأردن

6-           شاهين ، محمد ؛ ريان ، عادل ( 2007 ) : دور التغذية الراجعة المقدمة من الطالب للمعلم في تحسين جودة أداءه التدريسي. أعمال المؤتمر التربوي الثالث : الجودة في التعليم العام الفلسطيني كمدخل للتميز ، الجامعة الإسلامية ، فلسطين ، ص 212 – 242.

7-           الشربيني ، أحلام (2009) فاعلية نموذج للتعلم قائم على المشروعات في تنمية مهارات العمل وتحصيل
تلاميذ الصف الأول الاعدادي واتجاهاتهم نحو العلوم. بحث مقدم للمؤتمر العلمي الثالث عشر (التربية العلمية المعلم والمنهج والكتاب)  دعوة للمراجعة ، مصر.

8-           شلبي ، نوال ( 2014 ) : إطار مقترح لدمج مهارات القرن الواحد والعشرين في مناهج العلوم بالتعليم الأساسي في مصر. بحث منشور ، المجلة الدولية التربوية المتخصصة , مج 3 , ع 10 . تم استرداده في 28 / 5 / 2016 على الرابط

9-           صديق ، محمد ( 2013 ) : إعداد الأجيال الناشئة لمجتمع المعرفة. مقال منشور، مجلة ركائز معرفية ، السودان ، مركز ركائز المعرفة للدراسات والبحوث.

10-       العبيكان للأبحاث والتطوير (2009) : برنامج تدريب المعلمين على مناهج الرياضيات المطورة. الرياض.

11-       عساف ، محمود ( 2012 ) : تقييم المناهج في التجريبية الفلسطينية بالتعليم الثانوي في ضوء متطلبات مجتمع المعرفة . المؤتمر العلمي الثاني والعشرون للجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس : مناهج التعليم ومجتمع المعرفة , مج 2 ، ص 338 – 427.

12-       عليان ، ربحي (2012) : مجتمع المعرفة مفاهيم أساسية. ورقة مقدمة للمؤتمر الثالث والعشرين للاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات ، الدوحة ، ص 2130 – 2149.

13-       العنزي ، بشرى (2010) : تطوير كفايات المعلم في ضوء معايير الجودة الشاملة في التعليم العام. اللقاء السنوي الرابع عشر للجمعية السعودية للعلوم التربوية (جستن) : الجودة في التعليم العام ، جامعة القصيم . ص 1-34. 

14-       قطامي ، يوسف ( 1998 ) : سيكولوجية التعلم والتعليم الصفي . ط1 , دار الشروق للنشر والتوزيع ، عمان.

15-       المغيرة ، عبدالله ( 1989) : طرق تدريس الرياضيات ، جامعة الملك سعود ، الرياض.

16-       مينا ، فايز (2004) : تطوير تعليم الرياضيات في مجتمع المعرفة . المؤتمر العلمي الرابع رياضيات التعليم العام في مجتمع المعرفة , مصر ، ص 46 – 53.

17-       النقبي ، خلفان ؛ السواعي ، عثمان ( 2006 ) : الربط بين الرياضيات والعلوم معتقدات المعلمين وممارساتهم في مدارس الإمارات العربية المتحدة. بحث منشور ، مجلة دراسات في المناهج وطرق التدريس ، مصر.


1-             Ahmed F, .(2008). The Impact of PBL on the Students’ Attitudes towards
Science among Nine Graders in Hamza Independent School. Available at:
http://www.eric.ed.gov/ERICDocs/data/ericdocs2sq1/contentstorageO1 /0000019b/80/3 e/5 8Zb3.pdf.
2-             Beane , J. (1995) : Curriculum Integration  and the disciplines of Knowledge. Phi Delta Kappan, 76, 616 – 622.

3-             Brennan , John ; Williams , Ruth (2004) : Collecting and using student feedback A guide to good practice.
Retrieved in 30/ 5/ 2016

4-             Brooks, I G ; Brooks, M. G. (1993) : In Search of Understanding : The Case of Constructivist Classroom. Alexandria , VA : Association for Supervision and Curriculum Development.

5-             Hopkin,A.G (1999): Quality control and quality assurance in Teacher Training
Institutions: Message from Botswana, Teaching and Teacher Education, Vol.
15, No,6.

6-             National Council for Teachers of Mathematics. (2006) : Principles and Standards for School Mathematics . Reston, VA : NCTM .

7-             National Council for Teachers of Mathematics. (2000) : Principles and Standards for School Mathematics . Reston, VA : NCTM .

8-             Stigler,J.w.& Hiebert,J.(2004). Improving Mathematics Teaching.
Educational Leadership.61 (5).